أوراق من تاريخ النضال الوطني لقوى المعارضة البحرينية في الخارج (3 من 4)

شرعية النظام في البحرين وتوجهات المعارضة البحرينية

“العرب”: من خلال التصورات التي طرحت حول شكل طبيعة النظام القائم في البحرين..هل يمكن القول أن المعارضة تنطلق من داخل “عباءة النظام أي انها تعترف بشرعية ..أم انها تنطلق من رفضها لوجود هذا النظام؟

– الدكتور عبدالهادي خلف: يبدو لي ان المعارضة تنطلق من رغبة في جعل النظام شرعيا، وذلك من خلال سعيها لدفع النظام إلى الاستجابة إلى رغبات ومطالب الشعب، واعتقد أن النظام نفسه يسعى إلى الشرعية ولكنه يتصورها تأتي من مصادر اخرى ونحن كمعارضة نرى ان شرعية النظام تأتي من موافقة المحكومين على النظام وليس عن طريق ارغام المحكومين على القبول به. ومحاولة الحصول على الشرعية عن طريق الانفاق على الخدمات من خلال الريع النفطي لتحسين مستويات المعيشة وشراء رضاء الناس بذلك، وعن طريق شراء بعض الضمائر لمنافقة السلطة، وهي أساليب حبلها قصير وخاصة مع تناقض الريع النفطي.

– الدكتور منصور الجمري: هناك ثلاثة مصادر للشرعية، أولها يقوم على حق الفتح، فانا فتحت هذه الارض إذا فهي ملك لي، وثانيها يعتمد على الحق الديني كما حدث في القرون الوسطى، وثالثها هو الذي يعتمد على موافقة المحكومين. وللاسف الشديد فان النظام البحريني مازال يحكم بمنطق الفتح فقط، ونحن كمعارضة نجاهد من أجل الحوار مع السلطة لاضفاء الشرعية الشعبية على وجودها.

– الشيخ عبدالحميد الرضي: دعوني أتحدث بصراحة نحن في الجبهة الاسلامية لا نعترف بشرعية النظام القائم في البحرين، ونحن نمتلك الجرأة للمصارحة بذلك، ولا أعتقد ان هناك أحدا يؤمن بشرعية هذا النظام، ولكن هناك من يعلن رأيه بشكل صريح وحاسم، ونحن في الجبهة الاسلامية كنا صريحين إلى درجة إننا أعلنا الدعوة في أوائل الثمانينات إلى إسقاط هذا النظام.

توجهات المعارضة البحرينية ..

“العرب”: ماهي تضاريس الخارطة السياسية لجبهات وفصائل المعارضة البحرينية .. ونعني هنا منطلقاتها الفكرية وتوجهاتها السياسية والاجتماعية؟

– الدكتور عبدالهادي خلف: هناك المعارضة العلمانية، وهناك المعارضة الدينية، والعلمانية لها تنظيمين يمثلونها وهما الجبهة الشعبية في البحرين وجبهة التحرير الوطني البحرينية، كما يضم الجانب العلماني شخصيات عديدة لا تنتمي بالضرورة إلى أي من هذين التنضيمين من بينهم من كانوا ممثلين لجبهة الشعب في البرلمان السابق. وبالنسبة للمعارضة الدينية فهناك من يمثلها في هذه الندوة، إضافة إلى معارضة أخرى تنمو داخل الطائفة السنية وتتمثل في جبهتين، الحركة السلفية، وهي تميل إلى الفكر الوهابي وهي تعارض النظام باعتباره “متفلتا” وتطالبه بالتزمت الديني، وهناك نادي الاصلاح وهو قريب من حركة الاخوان المسلمين، وداخل الطائفة الشيعية هناك الجبهة الاسلامية وحركة احرار البحرين الاسلامية، وهذا من حيث الخارطة التنظيمية، ولكن ينبغي الاشارة هنا إلى أن قوة المعارضة هي أكبر من قوة تنظيماتها، وهذه طبيعة الحركة السياسية التي تعمل تحت الارض.

– الشيخ عبدالحميد الرضي: بالنسبة للجبهة الاسلامية، فان أرضيتها الفكرية تنطلق من الفكر الشيعي الذي يرفض كل ما يعارض مبادىء العقيدة الاسلامية ويحمل صيغته السياسية المنبثقة عن هذا الفكر، والتي تدعوا إلى أعادة الحقوق المشروعة للشعب ورفض الظلم والطغيان. ونحن نطالب بنظام التعددية السياسية وعدم توارث السلطة، وهنا نعارض دستور 1973 الذي ينص على وراثة الحكم داخل عائلة آل خليفة فقط.

“العرب”: مطالبة الجبهة الاسلامية بالتعددية الحزبية، تعني ضمنيا قبولها بمشاركة العلمانيين في الحكم، وهذا يشكل تعارضا مع منطلقات الجبهة من الفكرة الدينية، كيف يمكن حل هذا التناقض؟

– الشيخ عبدالحميد الرضي: الجبهة الاسلامية لا تعتمد الفكر الشيعي كقانون رغم انها انبثقت منه، ونحن لا نقصر عضويتنا على ابناء الطائفة الشيعية وحدها فقط، بل ان عضويتنا هي مفتوحة للجميع، فنحن لا نعتمد المذهبية منطلقا واحدا لعملنا وقناعاتنا السياسية، لذلك نؤمن ونطالب بالتعددية السياسية، فنحن نرى انفسنا شركاء وليس حاكمين على غيرنا. وعلى مستوى التغيير السياسي، نحن ندعوا إلى اجراء إستفتاء شعبي تحت أشراف دولي يعطي للشعب البحريني حريته في اختيار النظام الذي يمثله، كما ندعوا لمشاركة المرأة سياسيا بالتصويت والترشح في الانتخابات.

– الدكتور عبدالهادي خلف: بصفتي واحدا من رموز الحركة الوطنية العلمانية فانني أرحب بما قاله الشيخ عبدالحميد الرضى، حول التعددية السياسية وحق المرأة في المشاركة السياسية، وفي اعتقادي أن هذا يمثل تطورا ونضجا سياسيا في توجهات الحركة الدينية، وهذا يعني أن هناك اتفاقا واضحا بين جميع فصائل المعارضة مع اختلاف توجهاتها وانتماءاتها الفكرية، حول المطالب الوطنية المشروعة. وفي اعتقادي أن هذا الاتفاق الذي ظهر في أواخر التجربة البرلمانية السابقة هو ما دفع السلطة إلى حل البرلمان المنتخب، حيث اعتمدت دائما على النزاع الذي ظل مستمر بين العلمانيين والدينيين، وعندما اتفق الطرفان على المطالب الوطنية، فزعت السلطة ولجأت إلى حل البرلمان.

– الدكتور منصور الجمري: نحن في حركة أحرار البحرين الاسلامية، لا نؤمن على الاطلاق بأن لدينا منهج خاص أو مدرسة خاصة، وانما هو إيماننا المطلق بأن علينا أن نكون مرآة تعكس الاجماع الوطني في الداخل، وأن نعمل وفقا لهذا الاجماع.

الحلقة القادمة: في سياق الندوة .. ماذا حدث؟ .. الوزير وهيبة الدولة .. مبادرة ولي عهد البحرين حمد بن عيسى آل خليفة، حول عودة المنفيين والمبعدين خارج الديار البحرينية.

هاني الريس

8 اذار/ مارس 2021

Loading