لعبة “العرائس الأطفال” على المسرح السياسي الدنماركي

انغر ستوبيرغ، أهي امرأة طيبة ام شريرة ؟

عندما كانت، انغر ستوبيرغ، تتبوا منصب وزيرة الهجرة والاندماج والتكامل في حكومة الكتلة الزرقاء البرجوازية، التي قادها رئيس الوزراء، لارس لوك راسموسن، قبل اربع سنوات مضت، كانت هذه الوزيرة الجدلية، قد اصدرت قرارا وزاريا نافذا، يتعلق بفصل الأزواج، في معسكرات اللجوء في الدنمارك، قيل عنه، في ما بعد، في الأوساط السياسية، والقانونية، والحقوقية، إنه قرار باطل ومخالفة لاحكام القانون، وذلك عندما أمرت بفصل زوجات اللاجئين الصغار عن أزواجهم الكبار في معسكرات اللجوء، فيما كان يعرف حينها، بقضية ” العرائس الأطفال” في المعسكرات، والتي تنظر لها اليوم محكمة المظالم أو التعليمات، في فريدريسبيرغ، في كوبنهاجن، وذلك، بعد موافقة وزير العدل نيك هيكيروب، على قبول الدعوة القضائية، التي تقدمت بها الاحزاب السياسية اليسارية في البرلمان الدنماركي، بعد تشكيل الحكومة الاشتراكية، في العام 2019 والتي أتت على خلفية ما قيل بإنه قرار متسرع وفردي، اتخذته الوزيرة في حق الفتيات القاصرات المتزوجات من أزواج بالغين، ويكبرونهن بسنوات قد تتعدى الخمسين عام من العمر، او اكثر، والذي يفيذ بأنه: ” لا يجب أن يعيش أي قاصر دون سن 18 سنة، مع زوج يبلغ من العمره 50 عاما أو أكثر، حتى ولو كان لدى الزوجين طفل مشترك، وتعتبر الوزيرة انغر ستوبيرغ، قرارا محقا من أجل حماية الفتيات القاصرات من الاضطهاد الطبقي الابوي والعائلي، واجبارهن على الزواج القسري، خلافا لارادتهن.

ومنذ أن عقدت محكمة المظالم، أو التعليمات جلساتها التحقيقية، في حيثيات تلك القضية، في 24 أيار/ مايو 2020 المنصرم، مازال الجدل محتدما على أشده، بين معسكرين متضادين، المعسكر البرجوازي الأزرق، الداعم بقوة لقرار الوزيرة، باعتباره قرارا محقا ويتماشى مع قيم الحرية والديمقراطية المتجسدة، في الدنمارك، والمعسكر اليساري الأحمر، الذي يعتبر ذلك القرار، بأنه انتهاك فاضح ومخالف للقانون الدنماركي، والحريات الشخصية، وحقوق الإنسان، ويطالب بمتابعة التحقيقات العادلة والنزيهة بالنسبة لتلك القضية القانونية، وفرض العقوبة الضرورية واللازمة، ضد الوزيرة السابقة، إذا ما ثبتت اذانتها الواضحة والدامغة، في تلك القضية المطروحة.

حرب إعلامية في الواجهة:
وفي ما ظلت الاحزاب اليسارية المتقدمة بالشكوى، تصر على إنها محقة برفع الشكوى، إلى القضاء، بسبب تجاوز مواد القانون، وانها لم ولن تتنازل قيذ انملة، عن مواقفها نحو تلك القضية الإنسانية، مهما كلف الأمر من ثمن، حتى يتبين لها الخيط الأبيض من الخيط الأسود، حشدت أحزاب المعسكر البرجوازي اليميني الأزرق، وفي مقدمتهم حزب المواطن الجديد المتشدد والمناهض للهجرة والاقليات الاثنية، وبخاصة المسلمة، جماهيرها لدعم المساندة والتاييد الايجابي والشامل لصالح الوزيرة السابقة، واستطاعت، في غضون وقت قصير للغاية، أن تجمع في حملتها الداعمة والتاييدية، اكثر من 8 الآلاف صوت، لصالح وقف إجراءات تلك المحاكمة، ورفع العقوبة عن وزيرة الهجرة والاندماج والتكامل السابقة، انغر ستوبيرغ، وجمعت من خلال تلك الحملة، تبرعات مالية ضخمة بلغت قيمتها اكثر من 330 الف كرونة دنماركية استخدمتها، لتصميم ونشر المعلومات والإعلانات التجارية المدفوعة الثمن، لمختلف الصحف ومواقع التواصل الاجتماعي في الدنمارك، وذلك، من أجل تعزيز توجهاتهم ومواقفهم وتطلعاتهم، نحو نهاية إيجابية ومشرفة تحفض ماء وجه الوزيرة ستوبيرغ.

ولكن، وفي المقابل، بالنسبة للاحزاب اليسارية، والقوى الحقوقية، المناهضة للعنصرية والنازية، والداعمة للحريات المدنية في الدنمارك، فإن خطوة كهذه يمكن لها أن تقوض جميع الأسس الصلبة للقانون الدنماركي، وتعزيز مواقف وتطلعات وأماني، اليمين المتشدد والمتطرف الدنماركي، الذي مازال يشحد الهمم الواسعة النطاق، لمواجهة قضايا الهجرة واللجوء في الدنمارك، وفي هذا الشأن استطاعت جميع تلك القوى، ان تجمع قرابة 90 الف صوت مؤيد وداعم لمكاشفة ومحاسبة، وزيرة الهجرة والاندماج والتكامل السابقة، انغر ستوبيرغ، أمام المجتمع، على استخدام صلاحيتها الرسمية كوزيرة للهجرة والاندماج والتكامل، لخرق القانون الدنماركي، الذي يجب احترامه والعمل به بصورة صحيحة ودستورية، حيث أشتهر الدنماركيون، في سابق الزمان وبعده، في المبالغة في إحترام القوانين والإجراءات المعمول بها في البلاد، وانه لا يمكن لهم بالمطلق، ان يحضوا بالأمن، من دون حكم القانون القوي، الذي لا يميز ما بين مواطن وآخر، حتى ولو كان رئيس وزراء، أو وزير، أو نائب برلماني، اومسؤول عام متنفد، ولكن ما هو متعلق بصدق وجوهر تلك القضية القانونية الجدلية، لا يعرف مصيرها بالضبط، سوى وزيرة الهجرة والاندماج والتكامل السابقة، انغر ستوبيرغ، اهي، مخالفة حقا لاحكام القانون، أم هي حقا امراة طيبة، ام شريرة ؟

هاني الريس
11 حزيران/ يونيو 2020

Loading