وأخيراً اللاجئون في مهب الرياح

بدأت في 4 أبريل/ نيسان 2016 الخطوة الأولى المتعلقة بتنفيذ بنود اتفاق بروكسل بين الاتحاد الأوروبي وتركيا، بشأن تقليص النسبة العددية للاجئين والمهاجرين إلى أوروبا على أرض الواقع، وسط حملة انتقادات واعتراضات واسعة النطاق على المستويات الحقوقية الدولية، التي عبرت عن قلقها ومخاوفها من أن يكون مصير اللاجئين المرحّلين بشكل تعسفي من اليونان إلى تركيا قاسياً وعسيراً.

وكانت المفوضية العليا لشئون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة، وعدة منظمات حقوقية أوروبية ودولية، قد عبّرت عن قلقها ومخاوفها من أن يتسبب إعلان الاتفاق المبرم بين مفوضية الإتحاد الأوروبي وتركيا، الذي يقضي بترحيل الأشخاص الذين يعبرون الأراضي اليونانية بصورة مخالفة للقوانين إلى تركيا، بكارثة إنسانية لكل هؤلاء اللاجئين الذين خاطروا بأرواحهم ودفعوا أموالاً باهظة الثمن، في سبيل الوصول إلى ملاذات آمنة لهم ولعوائلهم في أوروبا.

وينص الاتفاق الأوروبي التركي، على إبعاد أي شخص يصل اليونان بصورة غير شرعية إلى تركيا ابتداءً من 20 مارس/ آذار 2016 بمن فيهم طالبو اللجوء السوريون، في مقابل أن ترسل تركيا شخصاً واحداً فقط إلى دول الاتحاد الأوروبي، من اللاجئين السوريين، وكحد معين لا يتجاوز 72 ألف شخص في الفترة الحالية وخلال المراحل القادمة.

ويقول المراقبون في شأن الهجرة في أوروبا، إن دول الاتحاد الأوروبي، التي ظلّت عبر عدة عقود مضت تؤسس لمشاريع استقبال اللاجئين والمهاجرين من مختلف مناطق الحروب والاضطرابات، وفتحت لهم أبواب اللجوء والهجرة، مشرعة على مصراعيها من دون أية تحفظات أو عوائق صعبة، بذريعة الالتزام بقضايا حقوق الإنسان والدفاع عن قيم الديمقراطية والحرية في ربوع العالم، لم تول كثيراً من الاهتمام بمصير مئات الآلاف من اللاجئين البؤساء، الذين مازالوا محتجزين في معسكرات اللجوء في اليونان وتركيا وغالبية دول الإتحاد الأوروبي، في مخالفات واضحة وصريحة للأعراف والقوانين الدولية ذات الصلة بقضايا الهجرة واللجوء وحقوق الإنسان.

من جانبها وصفت منظمة العفو الدولية المدافعة عن حقوق الإنسان، الاتفاق بين الإتحاد الأوروبي وتركيا بـ»الصفعة الموجعة» للاجئين الفارين من جحيم الحروب والنزاعات المسلحة والكوارث البيئية، واتهمت تركيا بالتواطؤ مع الإتحاد الأوروبي لمواجهة تدفق المهاجرين واللاجئين، من أجل تمرير مصالح سياسية ومكاسب اقتصادية معينة، كانت قد عجزت عن تحقيقها على أرض الواقع، قبل عدة سنوات.

فاللاجئون السوريون (على سبيل المثال) الذين كان يتم الترحيب بهم من خلال مصائبهم ومعاناتهم في أجواء الحرب الطاحنة في بلادهم، يتم احتجازهم وترحيلهم من مكان إلى آخر خلال الفترة الحالية، نتيجة ذلك الاتفاق المجحف والمثير للجدل. وقد أثارت الأوضاع الإنسانية اليائسة لكل هؤلاء اللاجئين في معسكرات اللجوء، أعمال شغب بين بعضهم البعض، أدت إلى إصابات طفيفة وبالغة المستوى في أعداد هائلة منهم، وبخاصة في أوساط الشباب والأطفال.

لقد جعل الاتفاق الأوروبي التركي، اللاجئين السوريين والعراقيين والأفغان وغيرهم، لاجئين غير مرغوب فيهم في دول الإتحاد الأوروبي، في حين كانوا قبل عدة عقود وخلال الشهور القليلة الماضية، أشخاصاً مرحباً بهم بحفاوة، وكان على أوروبا التزامات وواجبات وطنية كثيرة نحو السماح لهم ببناء حياة جديدة، وأن تتذكر دائماً معاناتهم وأوجاعهم ومآسيهم.

Loading