اللاجئون… والقيم الأوروبية الجوهرية

تزامنًا مع التقارير، التي تحدثت عن تدابير مراقبة معززة «فورًا» على الحدود الخارجية لدول الاتحاد الاوروبي، لمواجهة «طوفان» الهجرة واللجوء إلى شمال القارة الأوروبية، في ظل استمرار تصاعد الحروب والنزاعات المسلحة وأوضاع الفقر والفقر المدقع، التي تجتاح الدول النامية والفقيرة، بادر على الفور رئيس المفوضية العليا للاجئين، انتونيو غوتيريس، بتوجيه الدعوة الملحة إلى زعماء دول الاتحاد الاوروبي، بأن يتحملوا مسئولية «الدفاع عن القيم الاوروبية الجوهرية» المتمثلة في الحرية والديمقراطية وحقوق الانسان والتسامح والتنوع الثقافي والعقائدي، التي تمسكت بها أوروبا منذ زمن بعيد، كإحدى مقومات النهوض والتطور، وكانت تمثل قمة المفخرة الوطنية الأوروبية.

وأضاف، انتونيو غوتيريس، في بيان صادر عن المفوضية العليا، بشأن التطورات الأخيرة بشأن أزمة اللاجئين في أوروبا، أنه في الوقت الذي تتصاعد فيه المشاعر المعادية للأجانب في بعض الدول، من المهم جدا الاقرار بالاسهامات الايجابية للمهاجرين واللاجئين في المجتمعات التي يعيشون فيها، حيث إن ذلك من شأنه أن يكرس ويعزز واقع الاندماج الحقيقي والفعلي بين مختلف فئات وشرائح وقوى المجتمع.

وتلتقي عدة تقارير أوروبية، على أن دول الاتحاد الاوروبي، التي عجزت حتى الآن عن معالجة أزمة الهجرة واللجوء في أوروبا، ربما قد تتعرض لاحتمال تغيير أو حتى الغاء معاهدة امستردام، التي وقعت في (يوينو /حزيران 1999) والتي التزمت خلالها جميع دول الاتحاد، بإقامة «منطقة مشتركة للحرية والعدالة والأمن» وكجزء من ذلك الالتزام اتفق زعماء الاتحاد الاوروبي على إدخال منطقة «شينغين» الحرة ضمن الاتحاد، والعمل لوضع سياسات مشتركة خاصة باللجوء والهجرة.

وكان السبب المباشر لذلك، هو إصرار بعض دول الاتحاد الاوروبي، على تبني سياسات أكثر تشددًا في قضايا الهجرة، وبأساليب خطت خطوات أكبر في بعض الاحيان من قوانين الوطنية، ورفض تقاسم حصص اللاجئين، التي أقرتها المفوضية الاوروبية، بعد التدفقات المفاجئة للاجئين الفارين من مناطق الحروب والنزاعات المسلحة وبخاصة من سورية وافغانستان والعراق وبلدان شمال افريقيا.

والآن تهدد عدة دول أوروبية، بمراجعة قوانين معاهدة «شينغين» وبالاحتفاظ بالقيود الصارمة على حدودها البرية والبحرية والجوية، على رغم وجود المعاهدة، كما فعلت هنغاريا وجمهورية التشيك وسلوفينيا وهولندا وبولندا والدنمارك والسويد، الذين عززوا حدودهم بقوات من الشرطة والجيش، وأشكال المراقبة الالكترونية الصارمة، من خلال جمع البيانات والمعلومات بين مختلف الأجهزة الأمنية.

في مقابل ذلك، أعلنت المفوضية العليا للاجئين ومنظمة الهجرة الدولية، أن «طوفان» المهاجرين واللاجئين، قد تقلص بشكل ملحوظ خلال الشهور الاخيرة، ولاسيما شهر نوفمبر/ تشرين الثاني 2015 وذلك بسبب ليس فقط الاجراءات المشددة والصارمة في نقاط الحدود الممتدة حول «الشينغين» بل أيضا سوء الاحوال الجوية والحملات المستمرة على المهربين من قبل السلطات الأمنية التركية والبلقانية.

وبحسب الأرقام الأخيرة الصادرة عن المفوضية العليا لشئون اللاجئين ومنظمة الهجرة الدولية، فإن هناك أكثر من مليون لاجىء وصلوا في الفترة الأخيرة، إلى اوروبا نصفهم سوريون، وهو رقم قياسي يمثل مجموع أكبر موجة هجرة منذ الحرب العالمية الثانية في اوروبا.

ولذلك يبدو أن تباين المواقف الأوروبية إزاء مسائل اللجوء والهجرة واضحة بشكل واسع، وترافق ذلك التباين، ضغوطات وتحديات وآلام موجعة بالنسبة إلى المهاجرين واللاجئين، الذين تراود نفوسهم وقلوبهم أحلام الحياة السعيدة والمستقرة والآمنة في «جنات نعيم» الدول المتقدمة والغنية في الاتحاد الاوروبي.

وإستناداً إلى كل هذه المعطيات، حذرت منظمة العفو الدولية، دول الاتحاد الاوروبي، التي تمتنع عن تسهيل تحركات المهاجرين أو اللاجئين على حدودها، من مغبة «أزمة انسانية» مقبلة بسبب حلول فترة الشتاء القارس، في الوقت نفسه الذي انتقدت فيه منظمة «هيومن رايتس ووتش» «المعاملة السيئة والمذلة» للأشخاص الفارين على حدود أوروبا، وطالبت الحكومات الأوروبية بإيقافها.

Loading