موت أول مؤسسة دنماركية أهلية عائلية لنشر الثقافة والفكر.. ▪رواد مكتبات ” أرنولد بوسك، التاريخية “..المفلسة، يتالمون لهذا الفراق وطي الصفحة

في العام 1896، قام المثقف الدنماركي، ارنولد بوسك، بتاسيس ” مكتبة خاصة ” لبيع الكتب بالتجزئة، وكان يتطلع بشغف لبناء ” امبراطورية أدبية ” تهتم بنشر الثقافة والفكر، في عموم البلاد، وذلك من خلال العمل بنشر التوعية عبر بيع الكتب، وبعد صراع طويلة ومضني لتحقيق ذلك الحلم المنشود، بدأت تتوسع مؤسسته تدريجيا، حتى اخذت تتعمق جدورها وفروعها بشكل كبير في أنحاء متعددة من الدنمارك، فبلغ عدد مكتباتها، أكثر من 29 مكتبة، ولكن بسبب الأزمة الصحية، التي تسبب بها فيروس كورونا الفتاك في الدنمارك وحول العالم، تازمت ظروف وأوضاع هذه المؤسسة المكتبية العملاقة، التي توارثها الآباء والأحفاد عن الاجداد الأوائل من صلب عائلة أرنولد بوسك.المالية، والتسويقية، وادت بالتالي، إلى اغلاق جميع ابواب فروعها في البلاد، بشكل قسري، والإعلان عن إفلاسها بشكل رسمي، في 27 اذار/ مارس 2020، وتواجه بعدهاحتمية الموت المشهود، وذلك بعد حياة مديدة، استمرت تحث الخطى، طوال أكثر من 100 عام من الزمن.

▪ بيان صحفي:
وفي بيان صحفي، أصدرته الإدارة العامة للمؤسسة، أشار البيان، إلى أن الإجراءات الحكومية الأخيرة، المتعلقة بأزمة فيروس كورونا الدولية، تسببت في إغلاق أبواب جميع مكتباتنا البالغ عددها (29) مكتبة، في عموم البلاد، وكان من المستحيل علينا العمل.

واضاف البيان: ” لقد بذلنا جميع الجهود والامكانات للحفاظ على عمل المؤسسة، ولكن للأسف الشديد لم نستطيع تحقيق تلك المهمة، وأنه على الرغم من اتفاقنا مع بعض الموظفين المخلصين للقيام بساعات عمل تطوعية، إلا أن ذلك لم يكن كافيا لانقاد المؤسسة، من فرط المحنة المالية، التي صادفتها.

▪قلب حزين و جرح نازف:
وذكرت ادارة المؤسسة، من خلال البيان: ” انها قد تقدمت بطلب تعويضات جزئية لموظفيها، من حزمة المساعدات المالية التعويضية، التي تعهدت الحكومة الدنماركية، بتوزيعها على مختلف الجهات المتضررة من الأزمة الحالية، إلا أنها لم تحصل على أي شييء يذكر، إلا بعد فوات الأوان، وإشهار الافلاس في 27 اذار/ مارس 2020، وعلى الرغم من ذلك فان جميع المبالغ، التي دفعت للتعويض، لم تعد كافية لتسديد جميع الخسائر الهائلة، التي لحقت بالمؤسسة، والتي كانت قد اقتربت من حدود المليار كرونة دنماركية.

▪مكالمة هاتفية مجهولة:
تقول حفيدة المؤسس الأول للمكتبة المملوكة للعائلة ، ارنولد بوسك، هيله بوسك فينسفيغ، وهي المديرة الأخيرة للمؤسسة قبل الوفاة، وكانت تمثل الجيل الرابع للعائلة: ” إن المشاكل، التي أدت إلى إشهار إفلاس هذه المؤسسة، نشأت في البداية، مع عملية مدمرة، رافقت النظام الجديد، الذي استحدثة المؤسسة، من أجل تسهيل العمليات التجارية المرتبطة بنتاجات اعمالها “، وقد ضاعف تأخر حزمة المساعدات الحكومية التعويضية، من عدم قدرة المؤسسة على الصمود في وجه العاصفة الإفلاسية، ودفع مستحقات أجور الموظفين والعمال.

واضافت: ” حاولت في البداية أن أصل بصوتي الحزين والمرتبك، الى مسامع بعض، كبار المسؤولين عن حزمة توزيع المساعدات في البلاد، كي اناشدهم في التعجيل بتقديم موعد المساعدة المالية، ولكن مع الأسف الشديد، لم ياخد هؤولاء المسؤولين، بهذا النداء، على محمل الجد.

وفي اليوم التالي من إشهار إفلاس المؤسسة، وقبر أربعة أجيال من المكتبات، وصلتني على هاتفي الخاص رسالة قصيرة عبر مكالمة هاتفية، من رقم غير ظاهر مخفي، ولكن كان من السهل علي ان اتعرف على نبرة صوت المتحدث هذا..كان هو صوت رئيسة الوزراء ميتي فريدريكسن، تأسف لان مؤسسة ارنولد بوسك، قد أعلنت إفلاسها، ولم يعد لها اليوم اي جود على الأرض، وعلى الرغم من إحترامي للمكالمة الهاتفية، فإن المشكلة هي أنه فات اليوم أوان البقاء.

▪كارثة أدبية:
ووصف العديد من الكتاب والمؤلفين والمثقفين، بأن نهاية أكبر مؤسسة دنماركية لبيع الكتب، اصبحت بمثابة ” كارثة أدبية ” ولم تكن متوقعة بالبتة.

وقال رئيس مجلس إدارة اتحاد الكتاب الدنماركيين، بيتر ادولفسن: ” بأن إغلاق هذه المؤسسة، يعتبر بحق وحقية مأساة، ليست فقط بالنسبة لأصحابها والأشخاص، الذين فقدوا وظائفهم في المؤسسة، بل إنما لجميع قراء الكتب المتنوعة والشاملة، الذين لم يجدون اليوم مكان للذهاب إليه، والتصفح والبحث عن المراجع، والمصادر العلمية والتاريخية، التي تقدرها مصادر المؤسسة، باكثر من 4000 مرجع، وبالطبع بالنسبة لنا ايضا نحن الكتاب، الذين صرنا نفتقد اليوم لقنوات مبيعات نتاجاتنا الأدبية، في وقت ظل يعاني فيه العديد من الكتاب والمؤلفين، بالفعل انخفاض في المبيعات، ويواجهون صعوبات بالغة الشدة، في تسويق كتبهم ومؤلفاتهم، ونتاجاتهم العلمية والأدبية.

هاني الريس
3 أيار/ مايو 2020

Loading