النظام القمعي الحاكم في البحرين يستعيد اليوم تاريخ أجداده الأولين

في نفس الوقت، الذي شدد فيه النظام السياسي القمعي في البحرين، قبضته على المجتمع البحريني برمته، وصار يتعمد عن قصد، في تجاهل وضع المعالجات والحلول الضرروية والسريعة المطلوبة، بشأن قضية المواطنين البحرينيين، العالقين في مختلف العواصم العالمية، بسبب أزمة فيروس كورونا الدولية، رغم كثرة الدعوات والمناشدات الحميدة، التي تطالبه بالسماح للمواطنين في العودة العاجلة، إلى الوطن، قبل أن تسوء أوضاعهم الصحية واحوالهم المالية، وهم بعيدين عن الأهل والوطن، تسارع الحكومات الأخرى، وحتى القمعية منها، في وضع الخطط والبرامج الوقائية والكفيلة بانقاذ أرواح مواطنيها، العالقين خارج الحدود، والمكتوين بنار الازمة، وترسل لهم اسراب من الطائرات، وتتواصل مع سفراءها في الدول، التي يتواجد فيها حتى فرد واحد من مواطنيها العالقين، من أجل العمل على ضمان سلامتهم، وعودتهم إلى الوطن، من دون شروط أو قيود، وتشاركهم في عمليات البحث عن الحلول شعوبهم في الداخل بشكل جماعي، من منطلق قيم ومفاهيم المساعدة والمؤازرة والتضامن الاجتماعي، واخذ كافة الأمور المقلقة والخطيرة على محمل الجد، وليس التراخي، أو الاستهتار.

ولكن للأسف الشديد للغاية، لم ينظر النظام البحريني الطائفي والمتغطرس، بعين الإعتبار والجدية، إلى جميع هذه القيم والمثل الإنسانية والأخلاقية، وروح المشاركة الجماعية المطلوبة، عند حدوث الكوارث الوطنية، ولقد أمضى هذا النظام قرابة 254 سنة من الزمن، ومازال مراوحا في مكانه الاعتيادي، وفي ممارساته الاستبدادية القمعية، التي عفا عليها الزمن العالمي، في عصر الحريات الديمقراطية وحقوق الإنسان، ولم يعد يحفض الدروس المستفادة، من نهج ماضيه التعسفي، ولم يعد يتعرف بجد ورغبة جامحتين، على دروس التعاطف والتآخي والمشاركة الاجتماعية الأهلية الخلاقة، حتى لو كانت هناك محن وكوارث تعرض البلاد والعباد، إلى الهلاك، ويظل مناطحا للجدار، وماضيا في نهجه العقيم، الذي نشاء وترعرع وتربى عليه، وبنى فوقه مجده وتاريخه المزيف والملطخ بالدم.

لقد اعتاد شعب البحرين، وبغالبيته الساحقة، منذ تاريخ الغزو المشؤوم، وحتى اللحظة الراهنة، على أن يصحوا كل يوم من النوم، أو حتى قبل أن يصحوا في بعض الأحيان، ويجد في مواجهته جحافل جنود ومخابرات هذا النظام تلاحقه وتطارده، وتعتقله وتسجنه، وتمعن في جسده، وفي روحه، بسياط العذاب الشنيع، ولا من رادع.

ولقد اعتاد ايضا، على حقيقة، أنه لا يمكن لهذا النظام العقيم، أن يعالج أمراض فالجه المتضاعف، بأي دواء من الأدوية الديمقراطية، التي انتشرت بسرعة البرق، في العديد من بلدان العالم، التي تخلصت وبشكل قاطع ونهائي تقريبا، من عصور القمع والاستبداد المطلق وخنق الحريات، إلا عبر استخدام الدواء الوحيد والمر، وهو الثورة الشعبية العارمة، والصحيحة والمبرمجة، والمعتمدة على قوة الإرادة والإصرار والمشاركة الجماعية الواحدة والموحدة، لأن هذا النظام، وبعد كل هذه العقود والسنوات الطويلة، لم يعد يستمع إلى أحد ويأخذ بجميع النصائح، ولم يستوعب بعد جميع الدروس المفيدة، التي تحثه على المضي قدما في مشاريع التغيير، وأنه والحال هكذا فانه لابد وان يحتاج الامر إلى مواجهة القوة بالقوة، والعنف بالعنف المضاد، غير أنه وللأسف، ربما لم يأخذ النظام هذه الظاهرة على محمل الجد، لأنه مازال يعتقد ويتصور بأن قوة الحديد والنار، التي يستخدمها لقمع الانتفاضات والثورات الشعبية، هي كافية ووافية ورادعة لأي تحرك، حتى لو انه لم يعد بحاجة الى استدعاء المرتزقة، وحتى الجيوس الأجنبية الجرارة، لحمايته والدفاع عن عرشه المتهاوي.

ومن جديد، علمتنا الأزمة الصحية الحالية، التي عرضت البلاد، إلى اهتزازات وتباينات ومواقف متعارضة بشانها في أوساط الجبهة الداخلية، أن عقلية النظام الخليفي، مازالت، هي نفسها، ولم تتغير، ولم تستوعب، أي من دروس الماضي القمعي والتعسفي، الذي شيده وطوره وعمق جذوره الراسخة والقوية، الجد الأكبر للعائلة، احمد بن محمد آل خليفة، الملقب ب ” الفاتح ” التي غزت جحافل قواته المسلحة، والمدعومة، من عدد من القبائل العربية، في قطر، وشبه الجزيرة العربية، البحرين، ومارست ابشع صنوف القتل والسلب والسطو وهتك الأعراض، والتشريد والتهجير التعسفي، ضد مواطني البلد الاصليين، سنة وشيعة، وغيرهم من الطوائف الأخرى، القاطنة في البلاد، في ذلك الوقت.

Loading