الرياضة في خدمة السياسة (3)

تصاعد موجة المراقبة الامنية الصارمة على جميع الانشطة الرياضية والشبابية والحركة النقابية والطلابية البحرينية، وقرار حكومي رسمي باغلاق عدد من الاندية والجمعيات.

نتيجة لارتفاع أسعار النفط في مطلع العام 1973 وحدوث قفزات هائلة في مداخيل انتاج النفط وتصديره بكميات كبيرة إلى الاسواق التجارية العالمية، أصبحت الرياضة بشكل خاص محط اهتمام حكام دول المنظومة الخليجية الغنية ومنها البحرين، فالبروز العالمي للعرب على صعيد الاقتصاد والسياسة خلق لديهم الرغبة المماثلة لكي يكونوا مميزين حتى على صعيد الرياضة، مما ساعدهم على خلق جمهور كبير يتابع بشغف مجريات الالعاب الرياضية المتعددة وذات الشعبية الواسعة، ويؤكد على دور الرياضة كتعبير واقعي عن الامور الاكثر التفاتا لدى عامة الشعب .

وبالنسبة إلى البحرين، فأن الطفرة النفطية التي برزت خلال السبعين أو الثمانيين سنة المنصرمة، واحدثت قفزات هائلة في مداخيل الانتاج النفطي، ساعدت السلطة البحرينية على أن تحل أجزاء واسعة من مشكلاتها الاقتصادية والتنموية، وتخفف من حدة عامل الصراع الاقتصادي المباشر الذي كان محط اهتمام الطبقات الفقيرة في المجتمع من خلال طرح مطالبهم لتحسين شروط معيشتهم وتوفير الخدمات المدنية الضرورية والملحة لرفاهية المجتمع، وحينها وبشكل ملفت كثفت السلطة البحرينية نشاطاتها المباشرة وغير المباشرة في أوساط الناس ثقافيا ورياضيا، بحيث اتبعت سياسة الاحتواء المجتمعي وصرف أنظار الناس عن ولوج ساحات النضال العنيف، وعن العمل السياسي الثوري، إلى ساحات النشاط الرياضي الصاعد بشكل عام في عموم العالم.

وبذلك كان يتوجب عليها إن تعمل على تشييد مؤسسات حكومية رسمية خاصة لرعاية هذا النشاط وتجسيده على أرض الواقع، وفي نفس الوقت تكون قادرة على خلق طبقات وشرائح كثيرة في المجتمع يكون جل اهتماماتها الحياتية مرتبطا بمجال الرياضة، بدلا من انغماسها الواسع النطاق بقضايا السياسة، فكان هناك مشروع المجلس الاعلى للشباب والرياضة، الذي تأسس بمرسوم أميري رقم 2 لسنة 1975 لتولي رسم السياسة العامة للشباب والرياضة، والذي قيل بانه كان يهدف لتحقيق التكامل في أوجه النشاط في مجالات الشباب والرياضة لتكوين المواطن الصالح اجتماعيا ودينيا وفكريا وعقليا، وقد ترأس هذا المجلس منذ بداية تشييده، ولي العهد ووزير الدفاع حمد بن عيسى آل خليفة، بقرار بمرسوم أميري أيضا، وهناك اللجنة الرياضية الاولمبية البحرينية، التي ترأسها وكيل وزارة الدفاع البحرينية الشيخ عيسى بن راشد آل خليفة، ومن بعدها المؤسسة العامة للشباب والرياضة، التي كانت تابعة للمجلس الاعلى للشباب والرياضة وتعتبر الجهاز التنفيذي له.

وكانت هذه المؤسسة تتحمل الاشراف على قطاعات الشباب والشؤون المتعلقة بهم، والمراكز الشبابية والاندية الوطنية والمنشئات والمشاريع ذات العلاقة، ولكن على الرغم من فائض الاموال الهائلة التي رصدتها السلطة البحرينية لجميع مشاريع تلك المؤسسات الرسمية، المتعلقة بخطط وبرامج التنمية وتطوير المستويات الرياضية واعداد الشباب للمستقبل، فانها لم تجني من ثمارها في كثيرا من الاحيان سوى خيبات الأمل والفشل الذريع والانحسار والتراجع للخلف، بحيث أن جميع المنتخبات الرياضية الوطنية في ذلك الوقت لم تستطيع أن تحقق أي شيء ملموس ومميز على صعيد المنافسات الرياضية الاقليمية والعربية والقارية والدولية، التي يفترض أن تبلور من خلالها قوتها الصراعية الرياضية المطلوبة، وتشق الطريق للمستقبل الافضل للرياضة البحرينية، وتؤسس لانتاج أجيال جديدة من نجوم الرياضة البحرينيين.

وحتى في دورات كأس الخليج لكرة القدم، التي انبثقت بفكرة بحرينية من خلال فكرة عرضها مدرب المنتخب الوطني البحريني لكرة القدم في ذلك الوقت، المرحوم حمادة الشرقاوي لاعب نادي الزمالك المصري، على الاتحاد البحريني لكرة القدم، من أجل اقامة منافسة كروية خليجية خالصة على غرار المنافسات الكروية الاوروبية والافريقية، والتي تم الترحيب بها من قبل أعضاء الاتحاد البحريني لكرة القدم بالاجماع بعد دراسة معمقة ومتأنية للفكرة من مختلف جوانبها المعنوية والمالية المطلوبة، والذي من بعدها مباشرة اقيمت أول دورة لهذه الكأس في البحرين في العام 1970، وصرفت عليها السلطة مبالغ طائلة من الدنانير البحرينية، لم يتوج المنتخب الوطني البحريني لكرة القدم بأي لقب في سلسلة البطولات الخليجية لكرة القدم، سوى مرة واحدة في السنوات الأخيرة (2019)، بعد طول غياب.

وربما قد تعود أسباب هذا التقهقر والتراجع للخلف إلى وجود عوامل كثيرة ومؤثر على المستويين الرياضي والاقتصادي، ومنها على وجه الخصوص، ضعف المستويات الفنية والتأهيلية لجميع المنتخبات الوطنية البحرينية، بسبب سوء الاعداد والتدريب الممنهج والعلمي، ونقص في التجارب المتكررة والاحتكاك مع الفرق والمنتخبات ذات المستويات الفنية العالية في الخارج، وسوء التنظيم الاداري والمالي الواقعي والممنهج، وتكاثر حالات الفساد المالي في نطاق المجلس الاعلى للشباب والرياضة والمؤسسات الرياضية الرسمية الاخرى التابعة له، خاصة أنه لا توجد هناك موازنة عامة معروفة مخصصة للرياضة كبقية الموازنات المالية الاخرى المخصصة لجميع وزارات الدولة، لكن توجد لدى المجلس الاعلى للشباب والرياضة بنود في النظام الاساسي تسمح له بصرف مخصصات ومعونات مالية للاندية والاتحادات ومختلف أوجه النشاط الرياضي والشبابي كيفما يشاء ويرغب، ومن دون أي مكاشفة أو مراجعة مالية، والتي كانت قد برزت صورتها الواضحة للعيان وبشكل مكشوف، بعد الاطاحة المباشرة بالرأس المحرك والمنفذ لسياسات هذا المجلس، الشيخ عيسى بن محمد آل خليفة، وبعض كبار مساعديه الاداريين والماليين، ومعهم شلة فاسدة من رؤساء الاندية الرياضية والاتحادات، وذلك بسبب عدم الاخلاص والكفاءة واتهامات بالفساد واختلاس الاموال.

وقد اعتبرت هذه الحادثة هي أول فضيحة مالية كبرى مكشوفة على صعيد الحركة الرياضية البحرينية، وقد هزت تداعياتها اللاحقة الاوساط الرياضية البحرينية، وتعرض خلالها المجلس الاعلى للشباب والرياضة البحريني إلى السمعة السيئة، وإلى اعتراضات وانتقادات واسعة النطاق على المستويات الشعبية، في حقبة سنوات الثمانينات من القرن الماضي، وعلى الرغم من ذلك جرى التستر عليها من قبل السلطة البحرينية بخلق مخرجات وتبريرات مفبركة وواهية للقضية، ولم تستدعي السلطة أحدا من الاشخاص الموجهة لهم تهمة الفساد والتلاعب بأموال الدولة والشعب، إلى المكاشفة والمسائلة القانونية عوضا عن تقديمهم لقضاة التحقيق أو المحاكم العدلية البحرينية، ولم تعترف السلطة البحرينية حتى بوجود فجوات عميقة في النظام المالي للمجلس تستحق الالتفات اليها ومعالجتها بالوسائل القانونية، غير انه بدلا من مسائلة ومحاسبة كل هؤولاء الاشخاص المشاركين في واقعة الاختلاسات وسرقة المال العام، نأت السلطة البحرينية بالشيخ عيسى بن محمد آل خليفة، عن الانظار وتجاهلت مكاشفته ومحاسبته، ثم قررت بعد ذلك ابعاده إلى المملكة السعودية وقامت بتعيينه سفيرا لها في الرياض، فيما قدم الاشخاص الاخرون المشاركون معه في القضية رسائل استقالاتهم من مناصبهم القيادية في الاندية والاتحادات الرياضية لحفظ ماء الوجه والانزواء بعيدا عن مواجهة الناس. وكان فتيل هذه الفضية الكبرى قد كشف عن اسرار كثيرة وخطيرة تتعلق ببؤر الفساد واختلاس أموال الدولة والشعب، الذي ظل يمارسه أفراد في صفوف الاسرة الخليفية الحاكمة في البحرين، والشلل الفاسدة المرتبطة معهم في شراكات مصلحية، وكل من كان يلف في فلكهم من الاشخاص الانتهازيين والحالمين والطامعين في جمع الثروة والجاه، حتى على مستوى الحركة الرياضية والشبابية البحرينية.

قرار حكومي رسمي باغلاق اندية وجمعيات في البحرين

في العام 1975 اقدمت السلطة الخليفية، على اتخاد قرار أمني باغلاق اندية الديه، وأبو صيبع التي الصقت بهم المخابرات البحرينية تهمة، احتضان عناصر تخريبية ومناوئة لسياسات السلطة، وتورط بعض اعضائهم ومنتسبيهم في عملية اغتيال الشهيد الشيخ عبدالله المدني، أمين سر المجلس الوطني البحريني، ورئيس تحرير مجلة “المواقف” الاسبوعية، بالشمع الاحمر ومصادرة جميع ممتلكاتهم المادية والعينية، وتشديد الرقابة عليهم بشكل شديد ومحكم، واعتقال شخصيات بارزة في أوساطهم، ووضعتهم رهن المسائلة والتحقيقات، وأجبرت بعضهم على تقديم اعترافات باطلة بشأن القضية، وقد وصف بيان لوزارة الداخلية البحرينية هذه الحملة المسعورة والعشوائية ضد أشخاص أبرياء ساقهم جهاز الاستخبارات البحرينية عنوة إلى مخافر الشرطة والأمن العام “بانها كانت ضرورية وملحة لمواجهة الافكار المتطرفة والمحرضة على الفوضى والعنف، التي أخذت تنطلق من داخل بعض المؤسسات الاهلية، والتي يمكن أن تمثل مصدر قلق خاص للامن الوطني البحريني .

كان من الواضح، أن جهاز الاستخبارات البحرينية، بعد هذه الحادثة المؤسفة والمؤلمة، معنيا بإظهار هيبته وقوته إزاء ما كانت قد تعرضت له البلاد من صاعقة مؤسفة للغاية هزت المجتمع البحريني برمته، في قضية اغتيال رجل الصحافة والسياسة وعالم الدين الشيعي الشهيد الشيخ عبالله المدني، والتي أفضت بدورها إلى فرض حالة طوارىء غير معلنة في البلاد، وتنظيم حملات اعتقال تعسفي واسعة النطاق، في صفوف ممن كان يعتقد بأنهم كانوا وراء عملية الاغتيال، وكان من بينهم عناصر كثيرة من المحسوبين على الجبهة الشعبية في البحرين داخل البلاد، التي كانت السلطة البحرينية قد الصقت بهم تهمة التحريض والتخطيط لعملية الاغتيال، وعناصر أخرى محسوبة على جبهة التحرير الوطني البحرينية.

وقد توجت نتائج هذه الحملة الامنية الوحشية على جميع المشتبه بضلوعهم في القضية، وسيقوا عنوة إلى المعتقلات والسجون، باستشهاد محمد غلوم بوجيري (الجبهة الشعبية في البحرين) والشاعر سعيد العويناتي (جبهة التحرير الوطني البحرينية) بعد تعرضهم لتعذيب شديد وصارم للغاية على أيادي الجلادين في سجن القلعة في العاصمة المنامة، واعدام ثلاثة متهمين في قضية الاغتيال رميا بالرصاص (محمد طاهر وابراهيم مرهون وعلي فلاح) واعلان برائة للمتهمين الرابع والخامس (أحمد مكي ابراهيم وعبدالامير منصور حسين) بعد محاكمة علنية جرت في محاكم السلطة البحرينية، وهي تعتبر المرة الاولى التي يصدر فيها حكم الاعدام في قضية متعلقة بالنشاط السياسي، وبذلك استطاعت السلطة الخليفية، أن تثبت لنفسها وللمجتمع أن تحت تصرفها جيشا ناجعا من المخابرات الذي يستطيع بقوته الضاربة أن يحبط أية محاولة خارقة للمساس بأمن الدولة والمجتمع وخلق الفوضى، وبهذا أيضا استطاعت السلطة البحرينية، أن تحدث اهتزاز واضح وخطير في قوة المناهضين لها في صفوف جبهات المعارضة البحرينية التي وجدت نفسها بعد ذلك ضحية ولقمة سائغة لاعمال القمع الوحشي الممنهج والصارم مع سلسلة واسعة النطاق من المداهمات والملاحقات الامنية المستمرة، وبعد ذلك سلكت طريق التخفي والصمت المطبق في تحركاتها النضالية الثورية، على امتداد عقود طويلة من الوقت خوفا من البطش، مع استمرار ممارسة نشاطاتها التنظيمية والنضالية من تحت الارض.

وفي العام 1984 اتخدت السلطة البحرينية، قرارا مماثلا تم بموجبه اغلاق جمعية التوعية الاسلامية في الدراز بالشمع الأحمر، وقامت بمصادرة جميع ممتلكاتها المالية والعينية، وذلك في أعقاب حملة أمنية هستيرية إدارها جهاز مخابرات العميد البريطاني ايان هندرسن ضد الجماعات الدينية الشيعية في البحرين، بعد الاعلان عن تحركاتها العلنية الواضحة والمباشرة، التي رفعته تحت شعار “الاصلاح والتغيير” والنهوض في صحوة اسلامية جديدة في البحرين لمواجهة الظلم والفساد والاستبداد، الذي استشرى بشكل مخيف ومقلق في جميع مواقع الدولة الرسمية، والتي على أثرها تمت حملة اعتقالات عشوائية وواسعة النطاق في عموم الدراز شملت عدة قياديين بارزين في الجمعية وكوادر نشطة في أوساطها، وكذلك الحال في عدد من المدن والقرى البحرينية الشيعية، والتي حوصرت بعضها بطوق أمني شديد وخانق ومرعب، وملاحقة ومطاردة كل من كان له موضع شبهة في انتمائه لجمعية التوعية الاسلامية، وكان الهدف المعروف هو تكميم الافواه ومنع الجمعية من نشر رسالتها التبشيرية في الشؤون الفقهية والثقافة الاسلامية، والمساعدة على تكوين وعي علمي ديني اصلاحي منفتح ومشارك في خدمة المجتمع، وذلك في خطوة بدت واضحة من أن السلطة البحرينية تريد تقويض شعار الاصلاح والتغيير، التي رفعته الجمعية، خوفا من انطلاقته نحوها، وتقييد جميع الحريات الدينية في البحرين .

وفي عامي 1979 و 1980 تصاعدت موجة المراقبة الامنية المشددة والصارمة على الحركة الطلابية والشبابية البحرينية المعارضة في الداخل والخارج، بعد بروز حركة مطلبية طلابية ظهرت على السطح، من أجل المطالبة بتطوير المستويات التعليمية العامة وتغيير بعض المناهج الدراسية الجامدة والتي عفا عليها الزمن، وتحديد زمن معقول للعطلة الصيفية المدرسية، ومن خلالها أقدمت الاجهزة الامنية للسلطة البحرينية على اتخاذ اجراءات تعسفية صارمة خارج إطار القانون، ضد القادة الطلابيين، من خلال استدعائهم للتحقيقات في المراكز الامنية، ومنع مجاميع كثيرة من الطلاب من حضور الدوام الدراسي، وتم بموجبها أيضا منع أعداد كبيرة من الطالبات والطلاب الجامعيين البحرينيين، الذين كانوا يتلقون علومهم الجامعية في الخارج، من السفر بعد انتهاء فترة العطلة الصيفية، التي قضوها بين أهاليهم في البحرين، وذلك تحت ذريعة انهم يعملون ضد السلطة السياسية الوطنية، ضمن اطار الاتحاد الوطني لطلبة البحرين المحظور.

ومن بعدها اقدمت الاجهزة الاستخباراتية البحرينية، على اعتقال عدد من قيادات وكوادر وقواعد طلابية تعمل في صفوف الاتحاد الوطني لطلبة البحرين، في فروعه في القاهرة وبغداد وبيروت والهند، واستدعتهم للاستجواب وقررت منعهم من السفر لمتابعة تحصيلهم العلمي في المعاهد والجامعات العربية والعالمية، وعلى إثر تصاعد تلك الحملة الأمنية المسعورة ضد الطلاب البحرينيين في الداخل والخارج، تحركت اعداد كبيرة من شباب الاندية الرياضية والثقافية لمؤازرة الطالبات والطلاب المفصولين من مدارسهم، وكذلك الممنوعين من السفر، وتأكيد التضامن معهم في تلك المحنة من أجل التصدي لتلك الموجة الامنية الهستيرية، التي استهدفتهم جميعا، وتطوع بعضها للقيام بحملة جمع تواقيع المواطنين ورؤساء الاندية الرياضية والثقافية وجمعيات النفع العام، إلى جانب تواقيع أولياء امور الطلبة والطالبات المفصولين والممنوعين من السفر، وبما في ذلك المطالبة باطلاق سراح الطلبة المحتجزين على ذمة التحقيقات في مخافر وأقبية سجون السلطة البحرينية.

ومن بعد مخاضات عسيرة وطرق قانونية، سلمت كل هذه التواقيع في عريضة، إلى رئيس مجلس الوزراء خليفة بن سلمان آل خليفة، من أجل استخدام صلاحياته القانونية والدستورية، على ايجاد حل منصف وعادل لتلك القضية، واصدار أمر حكومي رسمي بالسماح للطلبة والطالبات الممنوعين من السفر بمغادرة البلاد من دون أي شرط أو قيد، والتحاقهم فورا بجامعاتهم ومعاهدهم التعليمية في مختلف العواصم العالمية، وقد لعب الاتحاد الوطني لطلبة البحرين (المحظور) بجميع فروعه في العواصم العربية والعالمية دور كبير ومشهود ومضني للغاية في دعم القضية الطلابية البحرينية، من خلال اتصالاته المكثفة بالمنظمات والاتحادات الطلابية العربية والقارية والدولية من أجل حثها على الوقوف إلى جانب الحركة الطلابية والشبابية البحرينية، ونشر مواقفها ومطالبها اعلاميا في جميع أنحاء العالم. وهنا لا ننسى أيضا الدور المحوري والكبير التي قامت به المنظمة الشبابية والطلابية البحرينية (منظمة الشباب الديمقراطي) التابعة للجبهة الشعبية في البحرين، من خلال عمل برنامج الجولات المكوكية التي نظمتها العناصر البارزة في المنظمة المتواجدين في الداخل لزيارة العديد من الاندية الرياضية والثقافية والجمعيات في البحرين والتحدث مع رؤساء مجالسها الادارية الذين يمثلون قطاعات شعبية واسعة في المجتمع، وذلك من أجل استمالتهم لتأييد ودعم القضية الطلابية، والحصول على تواقيعهم الشخصية والرسمية لطرحها في سجل العريضة الموسعة، التي قدمت لرئيس مجلس الوزراء البحريني، خليفة بن سلمان آل خليفة، والتي تضمنت جميع أسماء أولياء امور الطالبات والطلاب، وأسماء النخب والوجاهات والزعامات في المؤسسات المدنية الاهلية البحرينية .

كانت جميع الاهداف الاساسية البارزة والواضحة عن عمليات اغلاق أكثر من مؤسسة رياضية وثقافية ودينية في البحرين، هي توجيه رسائل تحذيرية مسبقة ومبطنة للمؤسسات الاخرى التي لم يطالها قرار الاغلاق بأن تلوذ بنفسها نحو الاسوار المغلقة والصمت المطبق، ولم يعد باستطاعتها تحريك ساكنا تجاه كافة الممارسات الاستبدادية والقمعية وتكميم الافواه التي ظلت تعمل بها السلطة الخليفية على امتداد عقود لخنق أصوات الحركة المطلبية البحرينية، التي ظلت تنطلق شراراتها من أكثرية أو بعض أروقة هذه المؤسسات، وكانت على الدوام مصدر قلق للسلطة البحرينية، وذلك تحت ذرائع ومبررات واهية وهي الخوف من تعرض البلاد إلى الكثير من التهديدات الأمنية المدمرة ونشر الافكار الملوثة المستوردة من الخارج .

(كل هذه الحلقات المنشورة الآن هي محطات قصيرة من كتاب جديد سوف يصدر لاحقا تحت عنوان (الرياضة في خدمة السياسة) من 650 صفحة من الحجم المتوسط ـ تأليف، هاني الريس .

هاني الريس

29 أيار/ مايو 2023

Loading