ممارسة إنسانية وأخلاقية سيئة للغاية .. الحكومة البولندية تخسر قضية حقوقية مرفوعة ضدها في المحكمة الاوروبية لحقوق الانسان،وتنسحب من “معاهدة اسطنبول” المعنية بمناهضة العنف ضد المرأة

مع ان قرار المحكمة الاوروبية لحقوق الانسا،الذي أدان الحكومة البولندية بانتهاك ” الاتفاقية الدولية لحقوق الانسان ” ذات الصلة بقضايا اللجوء والهجرة،أغضب كبار المسؤولين البولنديين،وأخرجهم من طورهم،فأن كافة الحمعيات ومنظمات المجتمع المدني،المدافعة عن الحريات الديمقراطية وحقوق الانسان في بولندا،رحبت بقرار المحكمة الاوروبية،واعتبرته انتصارا شامخا للديمقراطية والعدالة والحق،وانتصارا مبهرا للاشخاص والجماعات المنتهكة حقوقها في بولندا.

في 23 تموز/ يوليو 2020، أصدرت المحكمة الاوروبية لحقوق الانسان،في ستراسبورغ،حكما قاطعا أدانت فيه الحكومة اليمينية المتشددة، في بولندا،بانتهاك ” الاتفاقية الدولية لحقوق الانسان ” المتعلقة بقضايا اللجوء والهجرة، وذلك بعد شكوى رفعتها ضدها المنظمات الحقوقية البولندية،بخصوص رفضها طلبات اللجوء التي تقدم بها اللاجئين الشيشانيين في بولندا.

وبموجب هذا القرار الايجابي،الصادر من طرف المحكمة الاوروبية لحقوق الانسان،فانه يتوجب على الحكومة البولندية،الخاسرة لتلك القضية،دفع مبالغ تعويضية لكل لاجىء شيشاني،انتهكت حقوقه في التمتع بحق اللجوء المشروع في القانون الدولي،وقد تصل هذه التعويضات،إلى قرابة 34 الف يورو،لكل لاجىء انتهكت حقوقه في بولندا.

وقالت المحكمة:” أن الحكومة البولندية انتهكت ” الاتفاقية الدولية لحقوق الانسان ” التي كانت قد وقعت عليها،وذلك بعدم السماح للاجئين الشيشان بالوصول إلى بولندا،وقطع الطريق عليهم،وحرمانهم من تقديم طلبات اللجوء والحماية الدولية المطلوبة “.

وفي نطاق تلك القضية،قال أحد النواب البولنديين،من على منبر البرلمان البولندي، قبل أن يقطع عنه عنوة،صوت الميكروفون :” أن الحكومة البولندية،أخفت ليس فقط عن الشعب البولندي،بل أيضا عن نواب البرلمان البولندي، حقائق كثيرة عن حيثيات تلك القضية،وكذلك حزم المساعدات المالية،التي تلقتها الحكومة من جهات عديدة لدعم طالبي اللجوء في بولندا،وهذا الامر في حد ذاته يعتبر سيئا للغاية،ويجب أن ينظر له البرلمان بعين الاعتبار لمحاسبة المسؤولين “.

ومن جانب آخر،وعلى الرغم من قرار المحكمة الاوروبية لحقوق الانسان،الصارم والموجع،قررت الحكومة اليمينية البولندية،الانسحاب من المعاهدة الاوروبية المعنية بمنع العنف ضد المرأة (اتفاقية اسطنبول) التي صدرت عن إجتماع شارك فيه ممثلون حكوميون لعدد من دول الاتحاد الاوروبي وبلدان أخرى،في آيار/ مايو 2011،و ذلك في غياب أي ممثل حكومي من مختلف الدول العربية،التي ظلت ترفع دائما شعار الديمقراطية والحرية والدفاع عن حقوق المرأة،ناقشوا خلال ذلك الاجتماع،البحث في منع ومكافحة العنف ضد المرأة،والحماية من الاضطهاد،ودعم الضحايا،ومحاكمة المجرمين،في تحدي سافر للاتفاقيات القارية والدولية وحقوق المرأة في بولندا.

ففي 27 تموز/ يوليو 2020،أعلنت الحكومة البولندية،عن انسحابها بشكل رسمي،من “اتفاقية اسطنبول” المعنية بقضايا العنف ضد المرأة،وأعلن وزير العدل البولندي،زبيغيو زيوبرو،في وقت سابق،أن بولندا عازمة على الانسحاب من معاهدة أوروبية تهدف إلى منع العنف ضد المرأة،وقال الوزير :” أن الوثيقة المعروفة باسم ” اتفاقية اسطنبول ” لها أضرارا بالغة،لانها تفرض على المدارس تعليم الاطفال حول النوع الاجتماعي، وتنتهك حقوق الوالدين،وتحتوي على عناصر ذات طبيعة أيديولوجية،وهذا الامر ترفضه الحكومة البولندية رفضا قاطعا وبالمطلق “.

وتعد الحكومة البولندية الائتلافية،ذات الصبغة اليمينية المتشددة،متحالفة بشكل وثيق مع الكنيسة الكاثوليكية في بولندا،وقد وعدت في برنامجها الانتخابي الاخير بتعزيز القيم الاسرية التقليدية.

وفي المقابل،أجمعت كافة المنظمات النسائية ومنظمات حقوق الانسان في بولندا،على رفض هذا القرار،واعتبرته بمثابة مخالفة فاضحة لنصوص الدستور البولندي،والمعاهدات الدولية المعنية بمكافحة العنف ضد المرأة،وقالت أنه يندر بعودة ضحايا العنف من النساء،ويضفي الشرعية على العنف المنزلي،بعد ما ولى زمانه منذ عدة عقود مضت في بولندا،وعلى إثر ذلك عمت التظاهرات النسائية الحاشدة ساحات وشوارع العاصمة البولندية وارشو،وكذلك العديد من المدن والمناطق الأخرى في عموم بولندا،منددة بالاجراءات الحكومية الجائرة،وهذا القرار.

ويظهر بحث أجراه الاتحاد الاوروبي مؤخر،أن آثار العنف،التي تتعرض له النساء البولنديات،هي الأكثر حدة على مستوى الاتحاد الاوروبي برمته،ففي حين أن المتوسط الاوروبي يصل إلى نسبة 68.9،فانه في بولندا يصل إلى 77.9 في المئة،ويشير البحث إلى أن نسبة كبيرة من النساء البولنديات يعانينن من أشد العواقب الصحية بين المتضررات من العنف داخل نطاق الاتحاد الاوروبي.

وفي وقت سابق،أظهرت احصائيات الشرطة البولندية،أن هناك أكثر من 100.000 الف،من النساء ضحايا العنف المنزلي،منذ العام 2017،وان الارقام هي دائما مقلقة ومستمرة في تصاعد.

هاني الريس

28 تموز/ يوليو 2020

Loading