تحت ذريعة إنقاذ الشعب، بولندا تشدد قانون الإجهاض، وتصادر حقوق المرأة

اليسار التقدمي الدنماركي، يتضامن بشدة مع ثورة النساء البولنديات ضد تعسف السلطات والكنيسة الكاثولوكية الرجعية البولندية

كانت هناك اجتجاجات واسعة النطاق شهدتها الساحة البولندية في الأيام الأخيرة من الشهر الماضي، وذلك على إثر قرار الحكومة البولندية اليمينية المتطرفة والمدعومة من الكنيسة الكاثولوكية، بتشديد قانون الإجهاض، الذي يقضي بعدم السماح للمرأة البولندية، بأن تجري عمليات إجهاض بشكل طبيعي، إلا إذا كان الحمل نتيجة نزيف دموي حاد، أو اغتصاب جسدي، أو إذا كانت حياة الأم معرضة للخطر .

وعلى إمتداد سبعة أيام متتالية، كانت التظاهرات النسائية العارمة، تجوب شوارع العاصمة البولندية وارسو، ومناطق أخرى في عموم البلاد، مطالبة بحق النساء في الإجهاض بشكل طبيعي، والعيش بحرية وكرامة، وتراجع السلطات عن قانون الإجهاض، الذي يعتبر أحد اكثر القوانين الصارمة في العالم .

وعلى إثر هذا القانون المتشدد والجائر، تعرضت الحكومة البولندية اليمينية، إلى العديد من الانتقادات الصارمة، من قبل منظمة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، لجهودها لتقييد حق المرأة في الإجهاض، ولكن الحكومة البولندية، ظلت ترد على كل هذه الانتقادات بحجج واهية، وتلجا لطرح هذه القضية من خلال المحاكم المحلية، وليس من خلال النقاش السياسي في البرلمان، او من خلال الحوار مع الناس، الذين صوتوا في استطلاعات الرأى، إنهم لا يدعمون المزيد من تشديد تشريعات قانون الإجهاض، ولكن نائب رئيس الوزراء البولندي، ياروسلاف كاتشينكي، ظل يصر على عدم إمكانية حكومة بلاده، التراجع عن قرارها في هذا الشأن، وفي الوقت نفسه وصف الاحتجاجات المطلبية بالغاء القانون، بأنها محاولة ” لتدمير بولندا ” ودعا الشعب إلى الدفاع عن الأمة والكنيسة الكاثولوكية البولندية .

وعلى الرغم من عدم وجود دين رسمي للدولة البولندية، إلا أن غالبية السكان هم من الروم الكاثوليك، والكنيسة الكاثولوكية، التي تعارض عمليات الإجهاض، ولها أهمية دينية وسياسية وثقافية، كبيرة في اوساط الناس، ولا سيما في صفوف كبار السن في البلاد .

ويحدث أن تتم هناك في بولندا، اكثر من 1000 عملية إجهاض قانونية سنويا، بحسب المصادر الرسمية، ولكن وفقا للعديد من منظمات حقوق المرأة في عموم بولندا، يتراوح العدد الفعلي لعمليات الإجهاض، مابين 80.000 و 120.000 الف عملية، يتم اجرائها أما بشكل غير قانوني، أو في خارج البلاد .

تضامن دنماركي:
في 1 تشرين الثاني/ نوفمبر 2020، نظمت الاحزاب والقوى اليسارية التقدمية الدنماركية، وبالتعاون مع منظمات حقوق المرأة البولندية، في الدنمارك، ومنظمات اخرى، تظاهرة حاشدة، امام مبنى بلدية العاصمة الدنماركية كوبنهاجن، شاركت فيها جماهير غفيرة، من المواطنين الدنماركيين، وأبناء وبنات الجالية البولندية في الدنمارك، ورفع خلالها الجميع شعارات التنديد بممارسات الحكومة البولندية والكنيسة الكاثولوكية، تجاه حرمان المرأة البولندية من حقوقها، والمطالبة بإعادة النظر في قانون الإجهاض البولندي للعام 1993، المجحف بحق المرأة، وكذلك الإجراءات الجديدة المتشددة، التي تحظر الإجهاض إلا في الحالات الملحة والطارئة، وخلال تلك التظاهرة، تحدث العديد من كبار قادة تلك الاحزاب والقوى والمنظمات الداعمة لقضايا المراة، عن قوة الروابط الاجتماعية والنضالية المشتركة، بين الشعبين الدنماركي والبولندي، في مواجهة القهر والعسف العام ضد النساء، وقال بعضهم، إنه قبل سنوات خلت، وقبل أن يكون الإجهاض في الدنمارك، مسموح به، كانت اعداد هائلة من النساء الدنماركيات، يسافرن إلى بولندا، من أجل إجراء عمليات الإجهاض في مستشفياتها وعيادتها النسوية، والآن حان الوقت لأن تساعد الدنمارك النساء البولنديات في كفاحها من أجل التمتع بكافة حقوقهم المحقة والمشروعة، والتي تشدد عليها المعاهدات والاتفاقيات الدولية ذات الصلة بحقوق الإنسان، وأن ترد الجميل، الذي حصلت عليه النساء الدنماركيات، عند دهابهن لإجراء عمليات الإجهاض في بولندا .

هاني الريس
1 تشرين الثاني/ نوفمبر 2020

Loading