ندوة حقوقية عام 1998 في مجلس العموم البريطاني بمناسبة صدور قرار دولي أدان السلطة البحرينية

بدعوة كريمة من جانب اللورد اريك ايفبري، نائب رئيس اللجنة البرلمانية لحقوق الانسان في مجلس العموم البريطاني، والرجل الذي كان يبدل مساعي جبارة من أجل دعم قضايا شعب البحرين، عقدت في أواخر آب/ اغسطس 1998، باحدى قاعات مجلس العموم البريطاني، ندوة حول البحرين، بمناسبة الذكرى الثالثة والعشرين لتعليق العمل بدستور البحرين التعاقدي للعام 1973 وحل المجلس الوطني المنتخب .

شارك في الندوة وفد من المعارضة البحرينية ومنظمات حقوق الانسان في البحرين، وعدد من المفكرين والمثقفين والسياسيين والحقوقيين والمحامين والصحفيين العرب والاجانب، وافتتح اللورد أيفبري الندوة بكلمة رحب فيها بالحضور، وبنضالات شعب البحرين من أجل الحرية والديمقراطية وحقوق الانسان، وقال : ” ناقشت اللجنة الفرعية لحقوق الانسان التابعة للامم المتحدة هذا الاسبوع الوضع في البحرين والتمييز ضد الاقليات والاعتقال التعسفي والتعذيب وحقوق الطفل والمرأة، ثم اقترح مشروع لقرار يطالب حكومة البحرين ببعض الامور، وهذا القرار وضعته السيدة فرانسوا هامبسون من جامعة ايسكس التي ينتمي اليها نايجيل رودلي، المقرر الخاص حول التعذيب، وبفضل هذه الجهود قدمت حكومة البحرين تنازلين مهمين يتمثلان بالموافقة على رفع التحفظ على المادة 20 من معاهدة منع التعذيب والسماح بزيارة وفد من لجنة الاعتقال التعسفي.

وبحسب المعلومات، تعهدت البحرين بالعمل بهذا التعهد خلال عام واحد، وجاء سحب القرار مفاجئا، ولكن توافقون معي ان هذين التنازلين مهمين جدا، وآمل أن تبحث لجنة تقصي الحقائق عن التعذيب في مقتل المواطن نوح آل نوح الذي قتل على ايادي جهاز المخابرات في (19 من الشهر الماضي) كما آمل أن تنظر في قضية المهندس عبدالامير العرادي الذي يرقد في المستشفى العسكري اثر تعذيبه، وكذلك زكريا و ( 17 مواطن آخر) معتقلين لدى جهاز المخابرات ويعانون من سوء المعاملة والتعذيب النفسي والجسدي، وهناك أعمال كثيرة مطلوب من اللجنة القيام بها، ومن أهمها المطالبة باطلاق سراح الشيخ عبدالامير الجمري ومئات آخرين، يقبعون في سجون البحرين، وبحسب المعلومات فان هناك أكثر من 1500 معتقل وهو رقم كبير في بلد صغير، ومن المؤسف أن لانسمع من وزير خارجية بريطانيا الكثير في هذا الشأن، خصوصا بعد تعهده بسياسة خارجية أخلاقية، وكان قد قال السنة الماضية إننا نعمل لتوفير الديمقراطية في العالم كما نريدها لانفسنا، وقال قبل شهور إن من حق الجميع المشاركة في إدارة بلاده، ولكن عندما لجأ أحد المواطنين البحرينيين الى السفارة البريطانية في المنامة قيل له ان مصالحنا مع البحرين أهم من منحه اللجؤ السياسي، وكذلك طرد مواطن بريطاني من أصل بحريني من عمله ولم تفعل الحكومة الكثير، وتقوم الحكومة البريطانية بزيارة بعض السجناء في بلدان اخرى، ولكنها لاتفعل ذلك في البحرين، وهي التي تقوم بتدريب قوات الحرس الوطني في البحرين، وأصدرت حكومة حزب العمال قائمة بالاسلحة المصدرة للبحرين.

ويضيف : في الاسبوع الماضي كنت في زيارة إلى دمشق، والتقيت هناك خمسة من المبعدين البحرينيين وكان احدهم مبعدا منذ العام 1961 ويمنع هو واولاده واحفاده من العودة الى البحرين، وهذا أمر مزعج جدا لان المجموعة الدولية فشلت في منع هذا التصرف غير الانساني الذي لايعمل به احد في العالم، وهذه المناسبة تدفعنا للتفكير في معنى إعادة العمل بالدستور في البحرين، فأن عائلة آل خليفة عليهم أما أن يسمحوا بتغيير ديمقراطي أو يرفضوا كل ذلك حتى تتحول البلاد إلى ساحة للتوتر والعنف، وما حدث في جنيف هذا (الاسبوع) هو بالفعل خطوة إيجابة ولكن هناك حاجة إلى المزيد من الخطوات التطبيقية لتأكيد مدى مصداقية حكومة البحرين في الالتزام بما تتعهد به .

خيارات صعبة أمام الحكومة البحرينية .. أما الديمقراطية الواقعية أو الفوضى العارمة :

في تشرين الثاني/ نوفمبر من العام 1998 وبدعوة ايضا من اللورد اريك أيفبري، عقدت ندوة موسعة في قاعة مجلس العموم البريطاني لمناسبة احياء الذكرى الرابعة لانتفاضة الحركة الدستورية، حضرها عدد كبير من السياسيين والحقوقيين والصحفيين وممثلين عن المعارضة البحرينية والمنظمات الحقوقية الوطنية، وتحدث اللورد أيفبري في بداية الندوة  قائلا : إننا هنا نتحدث عن خيارات صعبة أمام حكومة البحرين، فأما الديمقراطية أو الفوضى، وكذلك لنتذكر ضحايا الانتفاضة الشعبية التي تطالب باعادة العمل بدستور البلاد، وانتخاب المجلس الوطني اللذين حلهما أمير البحرين، في آب/ أغسطس 1975، ومايزال الشعب يطالب بحقوقه من خلال العريضة الشعبية التي وقع عليها أكثر من 25 ألف مواطن بحريني في العام 1994، وعندما رفض الامير استلامها حدثت الانتفاضة الشعبية، وبدأت المشاكل ومنذ ذلك الوقت قتل العديد من المتظاهرين في الشوارع أو عذبوا في الزنزانات أو سجنوا في محكمة أمن الدولة التي اصدرت لجنة حقوق الانسان التابعة لجمعية المحامين البريطانية بالاشتراك مع لجنتنا تقريرا سلبيا حولها، وتعرضت منظمات أخرى مثل منظمة العفو الدولية وهيومن رايتس ووج، لهذه المحكمة بالانتقاد في مقاطع صغيرة، ولكن تقرير جمعية المحامين البريطانية كان الاكبر من بينها .

وأضاف : خلال هذا العام حدثت عدة تطورات ملفتة في البحرين، وللمرة الاولى طالبت الحكومة البريطانية نظيرتها حكومة البحرين الدخول في حوار مع لجنة العريضة الشعبية، وكانت الحكومة البريطانية السابقة تطالب بحوار عام مع عدم ذكر الجهة المراد الدخول معها في الحوار، ولكن هذه المرة ارتأت الحكومة أن يكون الحوار مع لجنة العريضة الشعبية، ونطالب بأن تعامل قضية حقوق الانسان كما يحدث مع البلدان الاخرى، ونطالب سفارة المملكة المتحدة البريطانية في المنامة، بزيارة السجون والالتقاء بالشيخ عبدالامير الجمري الذي سوف يمر عليه ثلاث سنوات كاملة في السجن منذ 20 كانون الثاني/ يناير، ففي الكاميرون مثلا قامت سفارتنا بزيارة كاتب بعد اسبوع من اعتقاله وفي جاميكا واثيوبيا قامت سفارتنا بزيارة السجون أو رتبت لي شخصيا زيارة السجون، وهذا اليوم قال وزير الخارجية انه تقدم بطلب لزيارة صحافيين سجنا في سيراليون، ونحن نطالب الآن بزيارة خاصة للشيخ الجمري، وكان وزير الخارجية البريطانية السيد فاشيت قد طالب الحكومة البحرينية بمحاكمته او اطلاق سراحه، ولكني أود منهم أن يتقدموا خطوة إلى الامام ويطالبون بزيارته، وحسب علمي فإنه قد تعرض للتعذيب حيث تم التحقيق معه مؤخرا لمدة اسبوع كامل بصورة وحشية وهذا تعذيب، وبعد أن أقرت حكومة البحرين معاهدة منع التعذيب أصبح بإمكان أي مواطن أن يتقدم بشكوى ضد حكومة البحرين وبحسب علمنا فإنه لايحصل على ما يحتاج من عناية طبية فهو في الستين من العمر وعلينا أن نتأكد أنه يحصل على عناية مناسبة .

وهناك ثمة تطور آخر هذا العام، وهوما قد حدث إلى جمعية المحامين البحرينية، حيث إنه بعد إجتماع للجمعية نوقشت فيه أوضاع المنطقة، قامت السلطات حالا بالتدخل وحلت الادارة المنتخبة، وعينت مكانها إدارة معينة، وهكذا يتضح أن المواطنين لا يستطيعون أن يعبروا عن آرائهم حتى في جمعياتهم المهنية، والفت نظركم إلى تقرير منظمة هيومن رايتس ووج، الذي قال فيه : ” استمرت السلطات في منع المواطنين من حقوقهم أمام محكمة أمن الدولة، حيث لايتمتع المتهمون أمامها بأية حقوق ” .

وأصبح اسلوب الحكومة، في هذه المرحلة، أن يعتقل الاشخاص لفترة قصيرة ويعذبوا ثم يطلق سرحهم، وقبل أيام اعتقل صاحب محل في الدراز وعذب لانه تحدث مع صحافيين بريطانيين، وقد قام الصحافيون البريطانيون بزيارة إلى البحرين، وجاؤوا بأدلة على سوء معاملة المواطنيين على أيادي السلطات، وأخيرا أود لفت نظركم، إلى محاولات الحكومة البحرينية كسب بعض الاصدقاء حيث تقوم بدعوة اعضاء برلمانيين واغداق الهدايا عليهم، ولكن لا يسمح لهم بزيارة السجناء أو ذويهم مثل عائلة الشهيد نوح خليل آل نوح، وكان قد اعتقل لمدة يومين ثم سلمت جثته كما هو واضح من الصور، ومايزال البحث في وفاته مستمرا من قبل السلطة، وعلى الاقل فان الوزراء البريطانيين أصبحوا يهتمون قليلا بما يجري في البحرين، وأود أن أختم بما قالته هيومن رايتس ووج من أن حقوق الانسان لم تتطور في البحرين برغم توقيع الحكومة على معاهدة منع التعذيب والتزامها بدعوة فريق من مجموعة العمل حول الاعتقال التعسفي، ولكن في هذا الوقت نحن نعيش فترة مظلمة جدا حتى يتحقق شيء من الالتزامات بحقوق الانسان  .

هاني الريس

5 تموز/ يوليو 2021

Loading