إيفا فليفولم تتحدث عن حقوق الإنسان في العراق، وتطالب السلطات الدنماركية، بوقف المشاركة في تدريب قوات الشرطة العراقية، التي تقمع الشعب. ” لا ينصرونهم ظالمين “

لقد مرت قرابة 20 عاماً من الزمن، على غزو القوات المسلحة الأمريكية والدولية، للعراق تحت شعار ” الآن سيحدث بعض التغيير ” ولكن للأسف الشديد لا نعتقد إننا تمكنا من رؤية أحلام التغيير قد تحققت في العراق، على أرض الواقع، وعلى الرغم من مرور كل هذه السنوات الطويلة، وحتى الآن مازلنا نشهد عمليات تدريب الشرطة العراقية، التي تستخدم الذخيرة الحية عمدا وتقتل بها المتظاهرين المسلمين، ومن دون أي مبرر، مستمرة ومدعومة من قبل الدولة الدنماركية، وبلدان أخرى حليفة حول العالم “.

هذا ما تحدثت به عضوة البرلمان الدنماركي، عن حزب اللائحة الموحدة اليساري، إيفا فليفولم، في مقالة نشرتها مؤخراً على صفحات جريدة ( RASON ) حول أوضاع حقوق الإنسان، في العراق، ودور السلطات الدنماركية، في مهمة تدريب الشرطة العراقية، التي تطلق النار على المتظاهرين المسالمين العزل، وتحصد أرواحهم بدون اي مبرر، ومن دون أية شفقة أو رحمة، وذلك تحت ذريعة التدريب من اجل حفظ الأمن والسلم الاهلي، المتدهور بشدة في عموم العراق.

وجاء في المقال الطويل، التي نشرته الجريدة في 30 حزيران /يونيو 2020: ” في زمن وباء كورونا الفتاك، ومن دون أي اهتمام كبير تقرر أن تقود الدنمارك عمليات حلف الناتو، في العراق، وهذه في الحقيقة خطوة كبيرة ومهمة جدا، تواجه الدنمارك، و ربما تدخلها في دوامة صراع سياسي، وفي حقل ألغام مع آخرين، ولسوء الحظ ان جميع هؤلاء، لا يعملون من أجل نشر قيم الحرية وحقوق الإنسان، التي يتوجب عليهم إدراكها في العراق، أو أي مكان اخر، بقدر اهتمامهم بمصالحهم وامتيازاتهم، وانه مع بالغ الأسف، أن تمكنت الأغلبية في البرلمان الدنماركي، وللمرة الثانية على التوالي، أن تغض النظر، وبشكل واضح ومكشوف، عن كافة الأزمات والمشاكل الصعبة، التي حدثت، ومازالت تحدث في العراق، وتحاول أن تعصف بهذا البلد، وتعيق السلام والاستقرار، وإنه من المقلق للغاية، أن قوات الأمن العراقية، التي تدربت على أيادي الجنود والخبراء العسكريين الدنماركيين، هي بالفعل متورطة في حالات عنف وانتهاكات فاضحة لحقوق الإنسان، والدليل على ذلك، تلك التقارير الموثقة لدى منظمة العفو الدولية، والشاهدة بعين اليقين، على عمليات إطلاق النار على المتظاهرين المسالمين، التي راح ضحيتها أعداد كبيرة من القتلى والجرحى، في شوارع بغداد خلال أحداث شهر تشرين الأول/ أكتوبر 2019 ومع كل هذا مازالت الاغلبية في البرلمان الدنماركي، تغض البصر عن فهم الحقائق القائمة على أرض الواقع، وتمنع اتخاد القرار، الذي يحث السلطات الدنماركية، على عدم المشاركة في تدريب الشرطة العراقية، التي تقمع الناس، وتثير الرعب في نفوسهم.

ويضيف المقال: وأنه في كل مرة يعرب حزب اللائحة الموحدة، عن بالغ القلق حول كل ما يحدث في العراق من انتهاكات صارخة لحقوق الإنسان، على أيادي رجال الشرطة العراقية، ولكنه للأسف الشديد تتم مواجهته، بردود أفعال سالبة، تحت ذريعة أن الدنمارك، أخذت على عاتقها تدريب الشرطة العراقية، التي تقوم فقط بحفظ السلام والاستقرار في العراق، وليس لاغراض أخرى، ولكن الحقيقة هي أن الدنمارك، وبلدان أخرى غيرها في العالم، مازالوا متواجدين في العراق، على امتداد قرابة 20 عام من الزمن، وقاموا خلال كل تلك الفترة، بمهام تدريب الشرطة العراقية، تحت شعار صقل خبراتهم ومواهبهم العسكرية، من أجل أن يحفظوا السلام والاستقرار المفقود في العراق، وعلى الرغم من ذلك فإنه لاتزال هناك انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، متمثلة في الاستخدام الصارم والمنهجي لعمليات التعذيب الجسدي والنفسي، والقمع العرقي، المعزز بالطائفية، وعلى امتداد السنوات العشرين المنصرمة، لم يشهد العراق طعم السلام والاستقرار، حيث شهدت البلاد تظاهرات ديمقراطية مطلبية سلمية، ولكن للأسف الشديد، تم قمعها، وجرى سحقها بالقوة، ونحن نعترف بأن الدنمارك، هي إحدى الدول العالمية، التي ساهمت في هذا الوضع المأساوي للشعب العراق، وهي تتحمل مسؤولية الكثير من العنف والاضطرابات السياسية، التي حدثت ومازالت تحدث، في العراق، والتي لازالت تنمو بوتائر شديدة، مع أوضاع العنف المتراكم، والتقسيم المناطقي والطائفي، بين المجاميع السكانية المختلفة، ولذلك نرى من جانبنا، انه من الضرورة بمكان، تقديم مطالب أكثر صرامة لمنع حدوث المزيد من الانتهاكات، وبحيث يجب أن نرى تغييرا حقيقيا للاوضاع المازومة داخل العراق، وتوقف السلطات الدنماركية، وغيرها من سلطات الدول الأخرى، عن لعب دور أساسي في تدريب قوات الشرطة العراقية، التي لاتزال تستفيذ من جميع فنون هذه التدريبات المسلحة، وتقمع من خلالها التظاهرات والاحتجاجات، التي تطالب بالتغيير الحقيقي والحوهري في العراق، وكذلك ايضا الحاجة الملحة، إلى إزالة الظروف المتزايدة للمنظمات الإرهابية، التي مازالت تمارس انشطتها القمعية والتخريبية في عموم العراق، تحت شعار ” العمل من أجل التغيير، وعودة الحياة الطبيعية للدولة والمجتمع “.

ويضيف المقال: ” وأنه من المعروف بشكل واضح، أن هناك علاقات وثيقة، ومشاكل عميقة، بين قوات الأمن العراقية، والمليشيات، ولاسيما الشيعية، المدعومة من إيران، والتي أصبحت اليوم جزء لا يتجزأ من قوات الأمن العراقية الرسمية، وأن المليشيات الشيعية، معروفا عنها بالقسوة، وشن الاعتداءات وعمليات الإعدام العنيفة في مختلف المناطق السنية، وذلك من دون أن يكون لها أي وازع، أو أي اعتبار شديد لحياة المدنيين الآمنين، القاطنين في جميع تلك المدن والمناطق، وهذا يعني أن هذه المليشيات (الشيعية) المسلحة، سوف تستفيذ من الخبرات والتدريبات العسكرية، التي يقدمها الجنود والخبراء العسكريين الدنماركيين، المكلفين بمهمة تدريب قوات الشرطة العراقية الرسمية، وهذا الأمر لايمكن على الإطلاق تحمله، أو القبول به، وهو في كل الأحوال، يعتبر نوع من أنواع القمع العرقي والاثني، والعنف الوحشي، التي أرست كل قواعده الصلبة المنظمة الإرهابية المجنونة، التي سميت بدولة ” داعش” وحصولها على موطئ قدم، ودعم واسناد واسع النطاق، من قبل الدول الأخرى الحليفة لها، والداعمة لجميع مشاريعها العدوانية الوحشية، وحروبها الضارية المسعورة، التي خاضت غمارها في العراق.

هاني الريس
01 تموز/ يوليو 2020

Loading