الدنمارك في ظل أزمة وباء كورونا

▪الحكومة الدنماركية تسعى لرسم خارطة طريق صحيحة لمعالجة الأزمة الصحية الراهنة، والمعارضة، تفقد معظم تسامحها السابق تجاه الحكومة.

بالرغم من أن هناك جانب صحيح من الحقيقة، التي تسعى احزاب المعارضة البرجوازية، من ورائها للضغط على سياسات الحكومة تجاه معالجة الأزمة الصحية الحالية، واصرارها على فتح البلاد بصورة أوسع، رغم عدم وضوح الرؤية الدالة على إكتمال تلك المهمة، إلا أنه من الصحيح أيضا، أن هذه الأحزاب التي كانت قد تضامنت مع الحكومة في أوج الأزمة الصحية، فقدت اليوم معظم تسامحها السابق تجاه الحكومة، التي تسعى لوضع خطة طويلة الأمد، من أجل أحكام السيطرة الكاملة المطلوبة للخروج من هذه الأزمة، وبأقل الخسائر ، بل وانها ضاعفت من حملات اعتراضاتها وانتقاداتها، التي بلغت الذروة في المناقشات الطويلة والساخنة، التي جرت في قاعة البرلمان، يوم الأربعاء 29 نيسان/ أبريل 2020، وذلك قبل أن يصل الخبر العاجل، إلى رئيسة الوزراء ميتي فريدريكسن، يفيد بأن ابنها (14 عاما) كان مصاب بوعكة صحية، ونقل بسببها على الفور لتلقي العلاج في المستشفى، وغادرت على إثر هذا الخبر، قاعة البرلمان.

▪نقاش محتدم:
قبل ذلك الوقت، دار هناك نقاش محتدم، شارك فيه زعماء أحزاب المعارضة البرجوازية( اليسار الليبرالي، و الشعب الدنماركي، والتحالف الليبرالي، والمحافظين ) ورئيسة الحكومة ميتي فريدريكسن، ووزير المالية نيكولاي وامين، ووزير الصحة ماغنوس هيونيسك، وزعماء الاحزاب الداعمة للحكومة، وذلك حول طلب المعالجات العاجلة والملحة، بشان القضايا الصحية والمالية.

ففيما اصبحت التبريرات الحكومية أكثر وضوحا لمعالجة أكبر أزمة صحية عصفت بالبلاد منذ الحرب العالمية الثانية، بشكل صحيح ومتدرج، من اجل المصلحة الوطنية والشعبية، حاولت أحزاب المعارضة، الدفع نحو ممارسة أشد الضغوطات، تجاه الحكومة، من أجل ارغامها على الإسراع بفتح البلاد بشكل أوسع مما كانت عليه في بداية نشوب الأزمة، وذلك تحت ذريعة تضرر الإقتصاد الدنماركي، ودعم العجوزات المالية الضخمة للشركات و المؤسسات التجارية الكبيرة، التي بلغت ذروتها من الخسائر الاقتصادية الباهظة، بسبب الإغلاق، وأكثر من ذلك طالب البعض، بأن تضع الحكومة ثقتها بالشعب، بذلا من تصرفها بمفردها بشأن اتخاد القرارات.

وخلال المناقشات، التي استغرقت من الوقت، ساعتين ونصف الساعة، ومن دون اية مصافحات أو معانقات، بين الأشخاص، تحدثت رئيسة الوزراء، ميتي فريدريكسن، بشكل صريح وواضح، بأن البلاد لاتزال بحاجة لرسم خريطة طريق جديدة، وخطة طويلة الأمد لكي تتمكن بشكل صحيح وجدي، من السيطرة على الأزمة، وقالت: ” نحن بالطبع قطعنا شوط كبير لمحاصرة الأزمة، والحد من انتشارها على نطاق واسع في الدنمارك، وأنه انطلاقا من 10 آيار/ مايو 2020، سوف نبدأ بالمرحلة الثانية من إعادة فتح البلاد، ومن ثم العمل برسم خطة طويلة الأجل، للمراحل القادمة، وأنه يتوجب على الجميع التعايش الإيجابي مع هذا الوضع المازوم، وعلينا أيضا أن نتعلم كيف يمكن لنا العيش في ظل ظروف قاسية وصعبة كهذه.

▪وجهات نظر ومواقف:
وتقول الحكومة، أنها بالتاكيد تتفهم كافة الصعوبات البالغة، التي تعيشها البلاد في هذا الوقت، وحاجة المواطنيين الدنماركيين لفتح البلاد بشكل أوسع، ولكنه في نفس الوقت يتوجب عليها توخي الحيطة والحذر، بأن الانفتاح السريع والواسع النطاق، يمكن له، أن يتسبب فى أضرار يصعب السيطرة عليها، اوكبحها في المستقبل.

وأما زعماء أحزاب المعارضة، فانهم أخدوا يصرون، على ردود فعل فورية، على معضلات سياسية وصحية ومالية معقدة، ويهددون بفتح فضاءات خاصة على المحاسبة والتدقيق في السياسات الحكومية، القائمة الآن تجاه الأزمة.
وقال، رئيس حزب اليسار الليبرالي، جاكوب اليمان- جينسن: ” إنه بالرغم من صحة بعض الإجراءات الوقائية الصحية، فإنني ابقى قلق بشأن الإغلاق المتواصل للمستشفيات الخاصة من دون أية أسباب واضحة وصريحة، في نفس الوقت الذي أنتقد فيه سياسة رئيسة الوزراء ميتي فريدريكسن، بشأن ما وصفه بعدم اهتمامها بالرسالة، التي تقدمت بها أحزاب الكتلة الزرقاء، في وقت سابق، لوزير العمل الدنماركي، بشأن معالجته لإعادة فتح شركة ” ايكيا” التجارية في الفترة الأخيرة، وتجاهلتها، ولم ترد عليها بشىء.

ومن جانبه، قال رئيس حزب المحافظين، سورين بوب بولسن: ” إنه يتوجب على الحكومة، توضيح كافة الأمور المستجدة، للشعب، وأن عليها ايضا، أن تتوجه له برسالة تقول، بأن مجتمع الرفاهية، الذي عهده قبل الأزمة، قد ولى زمنه اليوم، ولن يعود من جديد، حيث لا يمكن والحال هكذا، توفير الرفاهية بنفس الدرجة السابقة.

وأما بالنسبة لرئيس حزب التحالف الليبرالي، اليكس فانوبسلاغ، فإنه طالب الحكومة، بأن تضع ثقتها الكاملة بافراد الشعب الدنماركي، وبشكل أكبر، وإذا لم يكون في استطاعتها إظهار هذه الثقة للمواطنيين، فإن الأمور المطلوبة والملحة، سوف تستغرق الكثير من الوقت لمعالجتها، وأنها سوف تتطور وتتحول بفعل فاعل، من أزمة صحية، إلى أزمة اجتماعية عامة.

وبالنسبة لرئيس حزب الراديكال_ يسار الوسط، الداعم للحكومة، مورتن اوسترجارد، فإنه قال: ” من المهم جدا في هذا الوقت الصعب، أن نتحدث، حول مستويات التشاؤم، أو التفاؤل عن مستقبل الأزمة الصحية الحالية، و صورة تداعياتها في المستقبل، ولكن الناس اصبحوا اليوم، متوترين للغاية، ولدرجة أنهم لم يجراوا على الإستثمار في أي شيء، وهذا هو السبب، في حرصنا على المطالبة بإعادة بدأ مسيرة جديدة للاقتصاد الوطني الدنماركي، لكي يصبح إقتصاد اخضر، لأنه ربما يستطيع المساعدة، في خلق الأمل للحياة على كوكب الارض.

هاني الريس
29 نيسان/أبريل 2020

Loading