عنصرية فيلدرز… ما بين بريطانيا والدنمارك

إقدام سلطات الهجرة البريطانية، على عدم السماح للنائب في البرلمان الهولندي جيرت فيلدرز، صاحب فيلم «فتنة» المسيء للإسلام (الذي تضمن محاولات الربط بين الإسلام وقضايا التعصب والعنف) بدخول الأراضي البريطانية، بعد لحظات من وصوله الى مطار هيثرو بلندن قبل أسابيع من الآن، أثارت في حينها موجة عاصفة من الانتقادات الحادة في أوساط الساسة الدنماركيين، عكستها مختلف وسائل الإعلام المكتوبة والمرئية على حد سواء، التي شددت على رفض هؤلاء الساسة للقرار البريطاني، بمنع عضو برلمان منتخب ورئيس حزب سياسي في دولة عضو بالاتحاد الأوروبي من دخول الأراضي البريطانية.

وقالت صحيفة «يولاند بوسطن» التي كانت قد نشرت الرسوم المسيئة للرسول الكريم محمد (ص): «إن قرار الحكومة البريطانية بمنع النائب الهولندي جيرت فيلدرز، يعتبر انتهاكا خطيرا لقيم الديمقراطية وحريات الفكر»، وأشارت إلى «أن ذلك الأمر قد يعرض التعاون الأوروبي بشأن الديمقراطية وحقوق الانسان لمخاطر كبيرة»، وأضافت الصحيفة «إن اليوم الذي منع فيه نائب منتخب من شعبه، من دخول أراضي دولة أوروبية موقعة وملتزمة بقوانين الاتحاد الأوروبي والمعاهدات الدولية ذات الصلة بحقوق الانسان هو يوم عار على الحكومة البريطانية، أمام الرأي العام الأوروبي والعالمي»، واتهمت الصحيفة السلطات البريطانية بالابتزاز والخضوع المشين لقوى ظلامية صارت تتستر بالدين، من أجل تحقيق مآرب أخرى تتمثل بالتعصب والعنف وكره الآخر وتهديد الأمن والسلم الدوليين.

من جانبه، قال عضو البرلمان الدنماركي ورئيس حزب الاتحاد الجديد، وهو عربي من أصول سورية ناصر خضر، في تصريح للصحيفة ذاتها: «إن السلطات البريطانية التي اتخذت قرار منع نائب منتخب ورئيس حزب سياسي معروف، من دخول أراضيها، ارتكبت خطأ فادحا وخرقت حق التعبير، عندما سمحت لنفسها باللجوء لاتخاذ هذا القرار التعسفي، تحت ذريعة زعزعة الأمن في بريطانيا مستسلمة لتهديدات القوى الإسلامية، التي صارت تقلق السلم والأمن في أوروبا والولايات المتحدة الأميركية».

وانتقدت بعض الأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني الدنماركية طريقة معالجة الحكومة البريطانية لمسألة المنع، ودعتها الى احترام قوانين حقوق الإنسان التي صدقت عليها في الأمم المتحدة.

وكان النائب الهولندي جيرت فيلدرز، المعروف بمواقفه المعادية للأقليات القومية والعرقية الأجنبية في هولندا وتحدياته الصارخة تجاه الإسلام، الذي أثار هذه الزوبعة السياسية في مختلف وسائل الإعلام، قد وصل الى مطار هيثرو الدولي لزيارة لندن، لكن سلطات المطار منعته من دخول البلاد، بسبب ما ورد على لسان وزير الخارجية البريطاني ديفيد ميليبان، الذي صرح بأن: أفكار فيلدرز التي كانت تعبر عن العنصرية، قد تهدد الانسجام الاجتماعي والنظام العام في المملكة المتحدة البريطانية، وأضاف الوزير: ان هناك قوانين واضحة في البلاد ترفض حرية إثارة الكراهية الدينية والعرقية، والتي على أساسها تم منع السياسي الهولندي من دخول البلاد.

ورأت بعض القوى السياسية البريطانية، أن (الحظر) كان ضروريا بالنظر الى ما يجري من تطورات في هذا الوقت، وما جرى من أحداث استفزازية هزت البلاد في أوقات سابقة.

وبالنسبة الى جيرت فيلدرز، فقد اتهم السلطات البريطانية، من خلال الموقع الالكتروني للحزب الذي يرأسه، بأنها خرقت كل الأعراف وضحّت بحريات الرأي والتعبير، عندما أصرت على منعه من دخول أراضيها مرتين.

في المقابل كان مسلمو الدنمارك يرحبون بقرار المنع البريطاني للنائب الهولندي، الذي شارك بفاعلية في دعم الحملة الدنماركية في أزمة الرسوم المسيئة، وشارك بنفسه في إثارة الكراهية الدينية والعرقية ضد الإسلام والمسلمين في أوروبا وحول العالم، واعتبروا ذلك انتصارا لأفكار السلم والقوانين المناهضة للكراهية والعنصرية والشوفينية المقيتة، ورأوا أن هذا الواجب كان يمليه الالتزام بقيم الديمقراطية وحقوق الإنسان التي كرستها المملكة المتحدة البريطانية في قوانينها، والتزمت بها أمام منظمات الأمم المتحدة المعنية بحقوق الإنسان.

النموذج الذي قدمته السلطات البريطانية قبل أسابيع أعاد شيئا من ثقة المسلمين في مواقف الدول الأوروبية، وشعروا أن هناك من يهتم بقضاياهم ويعاقب من يحاول أن يخلق «الفتنة» بين الدين الإسلامي والأديان الأخرى.

موقف يتمنى المسلمون أن يتكرر ضد مجرمي الحرب في «إسرائيل» الذين قتلوا مئات المدنيين الفلسطينيين في حربهم ضد غزة.

Loading