كارل كريستنسن، مناضل شيوعي، وشاهد عيان عايش الظروف القاسية والمؤلمة في زمن الإحتلال الألماني للدنمارك

قبل 80 سنة من الزمن، كان، كارل كريستنسن، الشيوعي الاصيل، أحد المقاومين الأشاوس، في صفوف حركة المقاومة الوطنية الدنماركية، ألتي تصدت لسلطة الاحتلال الألماني النازي للدنمارك، والذي خاض مع جنودها المتوحشين، معارك، فر وكر، في ساحة النضال الوطني الدنماركي، والذي شارك بمعية رفاقه الشيوعيين، في حملة التطوع الأممي، للدفاع عن قيم الاشتراكية والحرية، ودعم الطبقات المضطهدة في عموم العالم، ضد الفاشية المتجبرة، في إسبانيا، التي أغرقت البلاد في بحور من الدم من أجل استمرار بقائها هي وحدها في السلطة.

وفي مناسبة الإحتفال بالذكرى السنوية ال 80 المشؤومة للاحتلال النازي الألماني للدنمارك، روى، كارل كريستنسن، بعض دكرياته القاسية والمؤلمة، التي عايشها ورفاقه الشيوعيين، في تلك الفترة المعتمة والغارقة في بحر الدماء الغزيرة، وقال: ” إنه قد تعرض ورفاقه الشيوعيين للموت المحذق، وهم يقاتلون بشراسة في صفوف المقاومة الوطنية، ضد سلطة الإحتلال النازي الألماني في الدنمارك، وذلك من أجل إستعادة السيادة الوطنية، ونشر الحرية، واعانة الضعفاء والفقراء في المجتمع، وطرد المحتل، وتأسيس كيان الدولة الاشتراكية العادلة والمنصفة.

كان، كارل كريستنسن، ناشطا سياسيا ومناضلا صلبا في سبيل المبادىء الاشتراكية الانسانية، وكان أحد المؤسسين الأوائل التاريخيين للحزب الشيوعي الدنماركي ” KOPA ” والذي أعيدت تسميته فيما بعد، إلى الحزب المدني الاجتماعي “BOPA ” وفي حديث للصحافة الدنماركية، قال: ” إنه اعتنق العقيدة الشيوعية، لأنها ملهمة، ولأنها تأسست على قيم ومبادئ ومثل، إنسانية وروحية وأخلاقية لا ريب فيها، فهي العقيدة، التي وقفت دائما موقف الدفاع الشرس، عن الضعفاء والفقراء والمضظهدين في عموم العالم، ضد قوى الشر والاستغلال الإقتصادي والاجتماعي، الذي ظل ينهشد في جسد الفقراء والضعفاء والكادحين.

قاد، كارل كريستنسن، ومجموعة من رفاقه الشيوعيين الدنماركيين، عمليات بطولية مشهودة، ضد قوات الإحتلال النازي الألماني في الدنمارك، وقام معهم بصنع القنابل اليدوية الحارقة، من أجل أن تطلق حممها على العربات والمجنزرات والدبابات والبوارج البحرية، التي كانت تستخدمها سلطة الإحتلال لتخويف وتركيع الناس، ورسموا خطط متقنة ومنسقة لتعطيل حركة السكة الحديد الألمانية، التي كانت تستخدمها لنقل المؤن والسلاح والعتاد الفتاك لحصد أرواح المواطنين الدنماركيين، وفرض الهيمنة الاستعمارية الكاملة والشاملة على الدنمارك، وقد حظيت بعض هذه المحاولات بالنحاح، عندما استطاعت تعطيل حركة بعض القطارات النازية عن العمل والتحرك، انطلاقا من منطقة الحدود في ” Dybbolsbro ” جنوب البلاد.

ويقول، كارل كريستنسن، وكان قلبه يعتصر من شدة الالم الوطني: ” إنه قد التقي في يوم ما، ببعض رفاقه الشيوعيين، في مكتب اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الدنماركي، والذي كان في ذلك الوقت، يتلقى كل أوامره من قبل الأتحاد السوفياتي، وذلك من أجل تشكيل خلية مقاومة ثورية صلبة، ضد الإحتلال، وكان قد بادر حينها بالسؤال، إلى احدهم، عما إذا كان بإمكان الرفاق الشيوعيين الدنماركيين، القيام بعمليات تدميرية للقوات الالمانية الغازية، فكان جواب الرفيق هو ” كلا ” والسبب هو أن القيادة الحزبية لا تريد أية مقاومة مدنية أو عسكرية، في هذا التوقيت، وذلك لسببين مهمين، الأول، انه مازال الحزب الشيوعي الدنماركي، مرخصا بشكل رسمي من قبل الحكومة الدنماركية، ولا يمكن للحزب تجاوز ذلك تحت أي مبرر ، والثاني، هو أن الزعيم السوفياتي، جوزيف ستالين، كان قد وقع للتو إتفاقية ملزمة ، مع ادلف هتلر، تقضي بعدم الهجوم على المانيا، وأن الحزب يحرص على الالتزام بمواقفه المبدئية مع الاتحاد السوفياتي.

ويضيف: ” ولكنه بعد أن نقض هتلر، ذلك الإتفاق وتنكر له في 22 تموز/ يونيو 1941، وقام بشن الحرب على الأتحاد السوفياتي، عندها صحي الحزب من غفوته، وتحرك من أجل تنظيم المقاومة ضد الاحتلال الألماني النازي في الدنمارك، والتي شملتها ايضا أعمال التخريب ضد المؤسسات والمنشآت الألمانية في الدنمارك.

وفي ذلك الوقت، كان، كارل كريستين، مطلوبا للعدالة من قبل سلطة الإحتلال النازي، لأنه كان أحد المتطوعين، للدفاع عن قيم الاشتراكية العالمية، ضد الفاشية الإسبانية، في الحرب الاهلية، التي كانت تدور رحاها هناك، حيث كان بمعية 12 عضوا من أعضاء الحزب الشيوعي الدنماركي، كانوا يقاتلون هناك، إلى جانب الثوار الاسبان، وقد مكث الرجل في ساحة الحرب اكثر من تسعة شهور، قبل أن يعود مرة أخرى، إلى الدنمارك، في مهمة مرافقة أحد الرفاق الشيوعيين الدنماركيين، الذي أصيب بقنبلة يدوية حارقة، ولم يعد بعدها إلى إسبانيا، وظل صامدا ثابتا في ساحة النضال الوطني في الدنمارك.

وفي 7 تشرين الأول/ نوفمبر 1942، القت السلطات الأمنية الدنماركية، القبض، على، كارل كريستنسن، بسبب نشاطه المقاوم الميداني، وتطوعه للقتال في إسبانيا، وحكمت عليه بالسجن لمدة عامين، حيث أودع للمرة الأولى في السجن الغربي للعاصمة الدنماركية كوبنهاجن، والمرة الثانية، نقل إلى سجن، هورسرود، حيث قضى هناك باقي فترة العقوبة، حتى تم إطلاق سراحه، في نيسان/ أبريل 1944.

Loading