بريق الغرب وتجارة الرقيق

أوضحت غالبية الدراسات التي عرضت في أروقة الأمم المتحدة، وحظيت باهتمام دولي واسع، وتناولت ظاهرة الهجرة غير القانونية والاتجار بالبشر، وخصوصا الهجرة إلى أوروبا، أن الأموال المتداولة على نطاق عالمي في هذا المجال تقدر بمليارات الدولارات. وتصب في خزائن شركات سفر وشبكات تهريب وعصابات تعمل في هذه التجارة. ويقدر الخبراء الاقتصاديون أن هناك عشرات آلاف الأشخاص يحلمون بالهجرة إلى بلدان مرفهة مثل أوربا وهم يستعينون بشركات سمسرة وشبكات تهريب للوصول إلى غاياتهم. فالوصول إلى حدود دول أوروبا الشرقية يتطلب مبلغا يتراوح ما بين 1000 إلى ألفي دولار أميركي، وثلاثة آلاف دولار فما فوق للقادمين من آسيا وإفريقيا متجهين إلى أوروبا الجنوبية، وأكثر من عشرين ألف دولار أميركي لمن يرغب الانتقال من الصين إلى الولايات المتحدة.

وتشير تقارير اقتصادية دولية إلى أن مجموع الأموال التي تدفع في مجال الهجرة غير القانونية تصل إلى ما يقرب من عشرة مليارات دولار سنويّا.

ومع انهيار المعسكر الاشتراكي ازدادت موجات المهاجرين غير القانونيين الحالمين ببريق الغرب وأنظمته الديمقراطية ورخائه الاقتصادي. لقد تضاعفت أعداد المهاجرين من أوروبا الشرقية وخصوصا من جمهوريات الاتحاد السوفياتي السابقة ومن بولندا وهنغاريا ورومانيا وغيرها من البلدان، إذ ظهرت طرق جديدة لتهريب البشر والمتاجرة بهم، وعادة ما تكون النساء والأطفال هم الضحايا لهذه التجارة غير المشروعة. فهؤلاء شريحة يسهل خداعها وغالبا ما ينتهي الأطفال المراهقون إلى الضياع والتشرد، كما تنتهي النساء إلى ممارسة الدعارة أو العمل غير الشرعي في ظروف صعبة للغاية، تعيد إلى الأذهان قرون تجارة الرقيق من نساء وأطفال. فالأطفال الصغار من دول أميركا اللاتينية الفقيرة، وبعض الدول الإفريقية، عادة ما تقوم تلك الشركات بتصديرهم إلى دول أوروبا الغربية من أجل تبنيهم أو استخدامهم في أسواق العمالة الرخيصة. علما أن هناك بلدانا أوروبية غنية تعاني من ارتفاع نسب البطالة فيها مثل بريطانيا والنرويج وألمانيا والدنمارك، كما تعاني من تنامي الهجرة غير الشرعية، على رغم وجود قوانين وتشريعات بالغة الصرامة في هذا الخصوص.

وتفيد آخر التقارير عن الهجرة في أوروبا أنه على رغم الإجراءات المشددة والصارمة بحق المتاجرين بالبشر، وعلى رغم المراقبة الأمنية الواسعة النطاق على معظم الحدود، إلا أن شبكات التهريب مازالت تدفع بأعداد من المهاجرين واللاجئين غير الشرعيين إلى غالب الدول الأوربية الغربية، متخطية بذلك كل الأسوار الحديد العالية، ضاربة عرض الحائط القيم الأخلاقية والإنسانية كافة تجاه الفقراء والمحتاجين الذين يعانون الظلم والفاقة والاضطهاد في بلدانهم الأم.

Loading