الدولة الدستورية تعني الشراكة الحقيقية في القرار

منذ صدور الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في العام 1948 حاملا شعار حماية الناس من الظلم والتعسف والاستبداد، ومنذ تكريس الأمم المتحدة يوم العاشر من ديسمبر/ كانون الأول يوما عالميّا لحقوق الإنسان، تتسابق حكومات العالم برمّته على إظهار اهتمامها الشديد بذلك اليوم، وحرصها على الالتزام بالعهود والمواثيق الدولية والعمل على سنّ القوانين والتشريعات والإجراءات التي تتلاءم مع التطورات العالمية في هذا الخصوص.

ومع هذه المناسبة يبدأ كبار المسئولين في البحرين بالتحدث، مثل غيرهم، عن اعتزازهم بالمثل والقيم والمبادئ العامة لحقوق الإنسان، والتزامهم بالعهود والمواثيق الدولية، والسعي من أجل تكريس وتعميق التفاعل الاجتماعي والثقافي والفكري مع مجتمعاتهم، مؤكدين في كل ذلك أن البحرين منذ أمد بعيد، ولاسيما بعد تحويلها من دولة إلى مملكة دستورية، تعيش في ظل قيادة سياسية حكيمة تحرص دائما على سلامة الأمن والاستقرار والتعايش المشترك والتعددية السياسية والحكم الديمقراطي الدستوري ومراعاة حقوق الإنسان والالتزام بالمعاهدات الدولية الخاصة بكل ذلك.

ويتحدث المسئولون أيضا عن جميع جهودهم المبذولة في سبيل تأمين سيادة القانون وتحقيق التنمية ودعم الفصل بين السلطات وتوفير جميع الحريات، والمساواة بين الرجل والمرأة في أداء الواجب الوطني، والتمتع بجميع الحقوق والواجبات وفقا لمبدأ سيادة القانون على الجميع من دون تمييز، وتطبيق العدالة وفق الأسس الواضحة والسليمة. كما يتحدثون عن الرؤية الاجتماعية التي تهدف إلى الارتقاء بالإنسان البحريني وتحسين مستويات معيشته بوصفه (الجوهرة الثمينة) في تاج استراتيجيتهم التنموية، بالإضافة إلى ضمان حصوله على فرص العمل والخدمات الأساسية من صحة وتعليم وإسكان، وفق معايير عالية الجودة.

من حقهم أن يقولوا كل شيء، ويفتخروا بكل شيء، مادامت السلطة والجاه والمال ووسائل الإعلام محصورة في أياديهم، يحركونها كيفما يشاءون بعيدا عن المراقبة والمكاشفة والمساءلة والمحاسبة. ولكن أيضا من حق الإنسان البحريني الذي باسمه يتحدثون، أن يسأل مادام له حق السؤال بحسب مبادئ العدالة والمساواة بين الجميع، أين هي كل حقوقه؟

لقد ناضل الإنسان البحريني عقودا طويلة، واستشهد له أهل وإخوة ورفاق، وتشرد له آخرون في المنافي البعيدة، وذلك في سبيل أن يتحقق حلم الحرية والديمقراطية والعدل والتعايش السلمي وحقوق الإنسان، ولكنه بعد طول المكابدة والمعاناة والتضحيات الكبيرة لم يحصل سوى على برلمان منقوص الصلاحيات، ودستور منحة، وتراخيص جمعيات سياسية ومنظمات مجتمع مدني، مقيدة بقوانين وإجراءات وزارات العدل والداخلية والشئون الاجتماعية والإعلام.

الإنسان البحريني الواعي والمثقف والمدرك، ومن يجري التفاخر باسمه من خلال تقارير التنمية البشرية، هذا الإنسان يتوق إلى أن تثق به الدولة، كشريك في السلطة وصنع قرارات المجتمع، فالدولة الدستورية يجب ألا تظل مراوحة في مكانها، بعيدة عن رياح التغيير التي عصفت ببلدان العالم كلها، فخيارنا جميعا يكمن في الإصلاح الحقيقي والجوهري المطلوب لمواكبة التقدم والتطور العالمي والدخول الأصيل في الشراكة الديمقراطية الدولية.

Loading