الرجل الواقعي الذي فضح الامبريالية العالمية”

بعد أن وضعت الحرب العالمية الثانية أوزارها، بعد إنتصار دول الحلفاء على دول المحور في حرب كارثية وكاسحة، ازهقت خلالها ارواح الملايين من البشر، وتم فيها تدمير مختلف البنى التحتية لجميع الدول التي خاضت رحى هذه الحرب الضروس والكاسرة، وكذلك البلدان الاخري، التي سارت في فلكها بارادتها أو عن طريق اجبارها على المشاركة والدعم، وبعد أن ضعفت قوة كل تلك الكيانات الرابحة منها والخاسرة على مختلف المستويات المادية والإقتصادية والعسكرية، حاولت الولايات المتحدة الأمريكية التي لم تتأثر ولم تتورط بشكل كبير ورئيسي في تلك الحرب، أن تتصدر المشهد الدولي المضطرب، و تستعرض عضلات قوتها وارادتها وتطلعاتها ورغباتها الاقتصادية والعسكرية في رغبة جانحة للسيطرة على العالم برمته، وتصوير نفسها على انها محور الكون، وزعيمة العالم الحر وربان سفينته الرائدة.

ولذلك، رأت بأن عمليات الترميم والبناء والتجديد والتحديث والتنمية في جميع البلدان، التي تضررت من نتائج الحرب الضروس والواسعة، ولاسيما بلدان العالم الفقيرة، التي لم تبلغ بعد مستوى التقدم والتطور والازدهار، هي فقط من مهماتها وحدها، وأنه لا يمكن أن يحصل ذلك الأمر إلا بنشر ثقافتها ورؤاها وتوجهاتها وأهدافها وتطلعاتها السياسية والاقتصادية والثقافية والفكرية والاجتماعية والتعليمية وغيرها.

وبذلك سعت بكل ما أوتي لها من قوة ومن جبروت المال والاقتصاد، أن تعمل على تجنيد نخب متعلمة ومثقفة وذات وجاهة اجتماعية في مجتمعاتها، وذلك من أجل إعدادها وتعليمها وتدريبها وتاهيلها على قيم الإيمان بضرورة الثقافة الروحية والاخلاقية والفكرية والسياسية والاقتصادية والتعليمية، التي هي ترتايها وتفضلها، وعليه فقد جندت الجيوش من الاشخاص التبع، التي ترى فيهم انهم يستطيعون القيام بتغييرات اجتماعية وثقافية وفكرية وتعليمية وغيرها في بلدانهم و تكون مطلوبة بالنسبة للمصالح الأمريكية والامبريالية العالمية على حد سواء، وتتوافق مع طموحاتها واهدافها ومشاريعها السياسية والاقتصادية، وطريقة بناء الحياة الاستهلاكية والفكرية والثقافية والاخلاقية الامبريالية ولا سيما منها الثقافة الامريكية، بهدف تمكنهم للإمساك بالمسؤوليات الرئيسية والحساسة سياسيا واجتماعيا في بلدانهم الاصلية، وصارت تغدق عليهم بالأموال الهائلة والطائلة، وتؤسس لهم الكيانات والمراكز والمنظمات والجمعيات، التي تتمكن من الانطلاق نحو نشر تلك الثقافات، وذلك تحت مسميات ديمقراطية وحقوقية، تقدم الخدمة الإنسانية للشعوب المضطهدة والمسحوقة، ولكنها في الحقيقة والجوهر، تتركز نشاطاتها وأهدافها وتطلعاتها من أجل خدمة المصالح الأمريكية والثقافات الامبريالية العالمية، بحيث تم نشر تلك الكيانات المصنعة بماركة امريكية واموال امريكية، بصورة موسعة في مناطق متعددة حول العالم، وبلدان ترى فيها الولايات المتحدة الأمريكية، بأنها إستراتيجية ومهمة وخصبة بالنسبة لمصالحها المتعددة والشاملة، ومنها البحرين، التي أخذت تنتشر في رحابها كأوراق الفطر أفكار تأسيس الجمعيات والمنظمات والمراكز والمنتديات، التي تصف نفسها مدافعة عن الحريات حقوق في البحرين، وتضع نفسها في خانة المعارضة للنظام السياسي الخليفي، مستفيذة من مؤسسات الدعم والمنح المالية الامريكية، ويعيش العديد من المتنفذين من كبار أعضاءها للاسف الشديد في حياة مترفة وغرورا ما بعده غرور، نتيجة امتلاكهم قوة الجاه والمال الامبريالي الأمريكي “الحرام والمشبوه” كما هو الحال عند غيرهم من الحاصلين على تلك الخيرات والامتيازات التي يتذرعون بالحصول عليها من أجل خدمة الإنسانية وحقوق الإنسان.

وحده فقط ، رجل شجاع وواقعى وطموح ولم تغرية قوة المال والجاة وملذات الحياة الدنيا والابراج العالية والقصور الفخمة ورحلات الأسفار المدفوعة الثمن من جيوب فقراء الولايات المتحدة والدول التي تستعمرها الامبريالية العالمية وتسرق قوتها وتفرض عليها الحصارات، تصدى لهذا الواقع، وقف وقفة إنسانية وأخلاقية وحقوقية في وجه الجبروت الإمبريالي الأمريكي وثروة الطائلة، وفضح ممارسات الإدارة الأمريكية، الصارخة والمتعنتة ومعاملاتها ومشاريعها السرية وكشف عنها الغطاء، في حدث مهيب وقاطع، لم يشهد لمثله التأريخ العالمي الحديث والمعاصر.وهذا الرجل هو، الصحفي العالمي القدير، جولين أسانج، السويدي الأصل والذي يحمل الجنسية الاسترالية، والتي اعتبرته واشنطن بأنه أخطر صحفي في العالم بعد أن جاهر باسرارها واخطاءها وممارساتها ومشاريعها المشبوهة، عبر وكالته الإعلامية المعروفة عالميا”ويكلكس” وظلت تطارده وتحاربة وتحاكمه وتريد القصاص منه إلى حد الموت.

وبدعوة من اتحاد الصحفيين الدوليين، ونقابة الصحافة في بريطانيا، اقيمت في يوم الخميس 28 تشرين الثاني/ نوفمبر 2019 في مبنى “سان بترس” في بوستن وسط لندن، ندوة تضامنية عالمية، للدفاع عن الصحفي الدولي، جولين أسانج، والمطالبة بإطلاق سراحه بشكل فوري، وبعدم تعرضه لأي ضرر.

وشارك في هذه الندوة، خبراء ومستشارين ومحامين وقضاء وحقوقيين ومفكرين ومثقفين وكتاب وصحفيين، وجمهور كبير متضامن، وقد تقدم جميع هذه الحشود، كل من مقرر الأمم المتحدة الخاص المعني بقضايا التعذيب، نيلز ميلزر، والصحافي العالمي الكبير، جون ليجر، والصحافي الدولي، كريك موري، والدكتورة، ليز لونكيت، وعدد من المتحدثين المعنيين بقضايا حريات الرأي والتعبير والصحافة، حيث تحدث الجميع، عن مزايا وماثر وشجاعة ذلك الرجل، و عن جميع الإنتهاكات الصارخة والقاسية، التي تعرض لها خلال سنوات المطاردة والاعتقال التعسفي والتعذيب النفسي والمعنوي الخطير الذي عانى منه داخل السجن.

كما تحدث جميع هؤولاء أيضا حول الأوراق السرية الأمريكية، التي نشرها بشكل واسع النطاق حول العالم وفضح فيها اسرار الإدارة الأمريكية، حول شنها الحروب وشرائها للذمم، وبخاصة في ما كان يتعلق بجرائم الحرب في أفغانستان والعراق، حيث زهقت هناك أرواح أبرياء وتدمير اقتصاديات دول نامية.

ويستعد المدافعون عن حريات الراي والتعبير والصحافة الحرة، وكذلك الصحفي الدولي، جولين أسانج، للقيام بأنشطة تضامنية موسعة ومماثلة للمطالبة بانعتاقه وبتحريره من غياهب السجن، ومن عدم تعرضه للاكراهات أو عقوبة الاعدام التي تستعد لها الإدارة الأمريكية.

وعلى هامش هذه الندوة تحدث الناشط البحرينى “هاني الريس” بشكل خاص مع مقرر الأمم المتحدة الخاص المعني بالتعذيب، نيلز ميلزر، حول الانتهاكات الصارخة وسوء المعاملة والتعذيب النفسي والجسدي الذي يتعرض له النشطاء السياسيين والحقوقيين في البحرين، من قبل الأجهزة القمعية البحرينية، وحصار الديمقراطية وغياب الحريات، وكان الرجل متفهما لتلك الأوضاع القاسية والمؤلمة التي تعيشها البحرين، في ظل الحراك الشعبي المستمر عبر سنوات طويلة، وقال إنه متابعا دقيقا حول كل ما يجري في البحرين من انتهاك الحريات العامة وحقوق الانسان، وبصورة مستمرة.

هاني الريس

Loading