خادم الطبقة العاملة والفقراء، أنكر يورغنسن، يبعث حيا، في ميناء كوبنهاجن الجنوبي

بعد مسيرة نضال طويلة ومضنية، ومكللة بالإنجازات، استمرت تحث الخطى على امتداد أكثر 70 سنة متتالية، وبعد أن قدم نفسه خادما مطيعا للدفاع عن قضايا الطبقة العاملة والفقراء في الدنمارك وحول العالم، وبعد أن عاش بين الفقراء في حي ( سود هون) العمالي جنوب العاصمة كوبنهاجن، في شقة متواضعة وصغيرة مكونة من 3 غرف، مع زوجته انغريد، واطفالهما الأربعة، طوال 45 سنة، حتى بعد أن كان رئيس وزراء الدنمارك لفترة تجاوزت 12 عاما من الزمن، حيث رفض الإقامة في قصر “ماريينبورغ” المخصص لإقامة رؤساء الوزارات في الدنمارك، وأصر على العيش بين الفقراء والعمال في هذا الحي الفقير والمتواضع.رحل في العام 2016 زعيم الحزب الاشتراكي الديمقراطي”الحاكم حاليا في الدنمارك” ورئيس وزراء الدنمارك الأسبق، أنكر يورغنسن، عن عمر يناهز 93 عاما، إلى جوار ربه راضيا مرضيا.

اليوم وبعد مرور كل هذا الزمن، ومرور 4 سنوات على وفاته، تحتفل جماهير الحزب الاشتراكي الديمقراطي والنقابات العمالية والاتحادات الجماهيرية، وجماهير الشعب الدنماركي، الذين ظلوا يتذكرون دائما افضاله وماثرة الإنسانية والأخلاقية، والنهضة الاقتصادية والإجتماعية والعمرانية، التي تحققت في عهده، في يوم الجمعة 25 تشرين الأول/أكتوبر 2019 بازاحة الستار عن النصب التذكاري البرونزي، الذي سيظل يخلد اسمه ويكرس مجده في سجل التأريخ، وذلك في وسط الساحة التي سميت باسمه “ساحة أنكر يورغنسن” في حي “سود هون” في الضاحية الجنوبية في كوبنهاجن، والتي مازالت تقطنها الطبقات الاجتماعية الفقيرة والعمالية، حيث جمعت أموال هذا النصب أو التمثال التذكاري البرونزي، بواسطة الجمعيات السكنية، وسكان الحي، وعدد من نقابات العمال وبعض الجهات المانحة الخاصة، والذي قام بتصميمه الفنان الدنماركي الشهير، نانا درويز بروندوم، بتكلفة بلغت 600000 كرونة دنماركية.
وبالإضافة إلى افراد عائلته وجماهير الحزب الاشتراكي الديمقراطي، وممثليه ومجاميع من مختلف نقابات العمال، الذين كانوا يحملون الرايات الحمراء، وعمدة بلدية العاصمة كوبنهاجن، القيادي في نفس الحزب، فرنك ينسن، كانت هناك جمهور غفير من المواطنين الدنماركيين، من مختلف الطبقات الاجتماعية في الدنمارك المحبين والمعجبين بهذا الرجل، قد شاركت في إحياء هذه المناسبة التاريخية الكبيرة.

واجمعت كل الخطابات والكلمات وحتى اصوات الموسيقى التي صدحت وسط ساحة الإحتفال، على الدور الكبير والفعال، الذي لعبه، أنكر يورغنسن، في خدمة قضايا الفقراء والبسطاء والضعفاء في المجتمع الدنماركي، وكذلك خارج الدنمارك، وفترة الانتعاش الاقتصادي والعمراني، التي شهدته البلاد خلال فترة حكمه، وقال، عمدة بلدية العاصمة كوبنهاجن، ورفيقه في نفس الحزب، فرنك ينسن.

في كلمة الافتتاح، التي كانت مشحونة بالعواطف: ” لقد نشأ، أنكر يورغنسن، وترعرع في ظروف صعبة، حيث كان الرجل ينتمى إلى عائلة عمالية فقيرة، وكان هو نفسه عاملا بسيطا، وكان، مقدام ورمزا للفقراء والبسطاء والضعفاء، وكان محبا للخير، و كان يتصف بالحكمة والشفافية والتواضع والتقشف، واحترام الاخر، وكانت حياته مرتبطة دائما بالعمال، ولم يغريه ابدا بريق الاموال، وأضواء القصور والابراج العالية، والماذب الدسمة والاحتفالات، بحيث انه كان قد رفض الإقامة في قصر ” ماريينبورغ” الراسي، على امتداد الفترة الطويلة، التي امضاها في حكم هذا البلد.

وتحدث من بعده في هذا الحفل، احد ابناءه، أنكر يورغنسن، وثلاثة مسؤولين منتدبين من قبل الحزب الاشتراكي الديمقراطي الحاكم، ومن بينهم، سوزان هيديلوند، وهي واحدة من مجموعة المبادرين بحملة التبرعات لإقامة هذا التمثال، وكان الجميع قد سرد قصص المناقب والفضائل الحميدة ومساعي الخير، التي كان يتمتع بها، أنكر يورغنسن، حيث وصفوه بالزعيم الفذ، وقائد الساحة العمالية، والشجاع والمثابر، وخادم جميع الطبقات الفقيرة، والرجل الذي إستطاع تغيير وجه الدنمارك، والنهوض بها كي تواكب عصر التطورات العالمية الجديدة.

هاني الريس

Loading