قمة دافوس… أحوال فقراء العالم لا تسرّ أحدا

تواجه المناطق الفقيرة حول العالم في الوقت الراهن، أسوأ أزمة لها منذ الأزمة الاقتصادية العالمية التي بدأت في الولايات المتحدة الأميركية أكبر دولة اقتصادية في العالم، أواخر العام 2008، حيث يلقى ملايين الأشخاص وبخاصة الأطفال، يوميا حتفهم نتيجة أمراض سوء التغدية ونقص الدواء بسبب الفقر الذي يعاني منه حتى الآن أكثر من مليار جائع غالبيتهم في مناطق الجنوب وفقا لتقارير المنظمات الإنسانية الدولية.

وقال كلاوس شواب، مؤسس منتدى دافوس للتعاون الاقتصادي (قبل 40 عاما) في الاتحاد السويسري، الذي يضم نخب السياسة والاقتصاد والتجارة والأمن والثقافة والفكر، ويبحث في سبل إنعاش التنمية ومواجهة الفقر، عشية المؤتمر في دورته الأربعين: «إن العالم برمّته يتجه نحو أزمة اجتماعية واقتصادية خطيرة نتيجة تدهور نظام القيم والقواعد التي تتحكم بعمل المؤسسات السياسية والاقتصادية الدولية»، والتي وصفها بأنها أصبحت عاجزة عن أداء دورها في إطعام ملايين الفقراء في أنحاء العالم وتلبية احتياجاتهم الأساسية في القرن الحادي والعشرين.

ويجمع الزعماء المشاركون في أعمال المنتدى من مختلف عواصم العالم، بأن أسباب الفقر المتراكمة منذ عدة عقود، لن تنتهي بين عشية وضحاها، وذلك لأن ما هو مطلوب منهم بالفعل لا يتعلق فقط بإجراء تغييرات جوهرية في الشأن الاقتصادي، بل المطلوب القيام بتحوّلات جذرية عميقة في المجالات الاجتماعية والسياسية والتنموية الشاملة.

وما يقلق الشعوب الفقيرة في هذا الوقت، ليس الأوضاع الاقتصادية وحدها فقط، بل الأوضاع السياسية والاجتماعية الصعبة والتي تتطلب من الزعماء معالجتها بالوسائل السلمية المشروعة، بدلا من أن تلجأ الشعوب لاستخدام وسائل غير شرعية لانتزاع حقوقها الأساسية المشروعة من أيادي الفئات القليلة، التي تتحكم بمصير السياسة والاقتصاد، فبحسب استطلاع للرأي أجراه المنتدى الاقتصادي قبل انعقاده في أواخر شهر يناير/ كانون الثاني المنصرم، وشارك فيه أكثر من 130 ألف شخص، أظهر أن غالبية شعوب الدول النامية والفقيرة، لا تثق بكل ما يقوله قادتها السياسيون أو الاقتصاديون، حول خطط وبرامج التنمية والحفاظ على سلامة الاقتصاد الوطني والأمن الغذائي الذي هو الشرط الأول والضروري للحياة الإنسانية الحرة والكريمة.

وعلى الرغم من الجهود الكبيرة المبذولة من قبل الدول الصناعية الغنية في العالم «الحريصة» على الاستمرار في الضغط على حكومات الدول الفقيرة والنامية لتنفيذ برامج الإصلاح السياسي والاقتصادي وتقديم عشرات مليارات الدولارات لتفادي الانهيارات الاقتصادية الكبرى في هذه الدول، فإن أرمات الفقر والإخفاق في معالجة القضايا السياسية والاجتماعية، ستبقى الأكثر مدعاة للقلق لأن معظم هذه الحكومات، لم تحترم تعهداتها والتزاماتها الوطنية والدولية تجاه قضايا المجتمع والسياسة والاقتصاد.

وتشير مصادر البنك الدولي للتنمية، بأن سقوف الفقر في العالم أصبحت اليوم أعلى مما هو متوقع، حيث يتبين أن هناك أكثر من 1,4 مليار فقير في العالم، اعتمادا على معيار يجعل كل من لا يتجاوز دخله 1,25 دولار واحد يوميا من الفقراء، وتقول مستشارة منظمة «أوكسفام» للإغاثة، إليزابيث ستيورات، أن منطقة جنوب الصحراء الأفريقية هي الأكثر سوءا في مستوى الفقر منذ أكثر من 25 عاما، وأن عمليات تخفيف وطأة الفقر في القارة الإفريقية أصبحت صعبة للغاية في ظل تضاعف عدد الفقراء بين العام 1981 والعام 2005، حيث ارتفع العدد من 200 مليون إلى 280 مليون فقير، كما تصاعدت وتيرة الفقر إلى مستويات كارثية، حيث لا يتجاوز معدل دخل الفرد 70 سنتا فقط يوميا، هذا في جنوب صحراء إفريقيا وأما في جنوب آسيا فإن نسبة الفقر بلغت قرابة 595 مليون فقير، منهم 455 مليونا في الهند وحدها.

وقال تقرير للاتحاد الأوروبي، إن ملايين الأشخاص في السواحل الإفريقية قد يتعرضون للمجاعة هذا العام ما لم تساعد الدول الغنية كل هذه المناطق وتقدم لها العون لدرء مخاطر الجوع المحدق بشعوبها.

وتحذر المنظمات الإنسانية الدولية والبنك الدولي، من مضاعفة أعداد الأشخاص الذين قد ينضمون إلى قوافل الفقراء بسبب ضعف الموارد الاقتصادية والغلاء الفاحش لمختلف السلع الغذائية الأساسية الضرورية، وقدرت بعض المصادر الاقتصادية، هذه الزيادة الى نحو 155 مليون إنسان، وطالبت هذه المنظمات، المجتمع الدولي بالتصدي لإعصار الفقر الذي يجتاح العالم برمّته.

Loading