نهوض العنقاء من رمادها. رئيس الحكومة الدنماركية السابق، يصحوا اليوم من سبات عميق، ويحلم باستعادة المجد المفقود

بعد تعرض حزبه وتكتله الازرق اليميني لخسارة فادحة وموجعة في الانتخابات التشريعية الدنماركية للعام 2019، وصعود اليسار الدنماركي إلى السلطة، لم يستقيل رئيس الحكومة، لارس لوك راسموسن، من زعامة حزبه، كما كان يفعل زعماء الأحزاب والتكتلات السياسية، الخاسرين في الانتخابات، بل أصر على التمسك بتلابيب هذا المنصب، رغم مطالبة العديد من قيادات الحزب وكوادره وقواعدة، بتخليه الطوعي عن منصبه، ولكن بعد مرحلة صراع محموم، جرى مع نائبه الاول في الحزب، كريستيان جينسن، حول كرسي الزعامة في الحزب، في صورة شهدت انقسام الحزب بين طرفي الصراع، ودخول الاعضاء في معارك جانبيه شديدة، وخوفا من انهيار تماسك الحزب، تقدم طرفي الصراع باستقالتهم، من مناصبهم في نفس الوقت، و وترك الخيار لأعضاء الحزب في انتخاب زعيم جديد.

نهوض طائر العنقاء من الرماد:

وبعد فترة طويلة من الصمت المطبق، والمكوث بعيدا عن ساحة الصراع السياسي على المسرح الدنماركي، استيقظ الأسد اليميني الأزرق، من سبات عميق، في خطوة وصفها المحللين، بأنها تشبه خروج طائر العنقاء من رمادها، أو هي ليست أكثر من مجرد ” صرخة الخاسرين ” الذين يطمحون في تجديد الدور، و حتى لو كان ذلك بطريقة قد تسيء لهم ولسمعتهم، وصب جام غضبه على السياسة العقلانية، التي أخدت تسير عليها حكومة ميتي فريدريكسن، بالنسبة لمعالجات أزمة وباء كورونا المستجد في الدنمارك، و ظل يطالب بخطوات أكثر تشددا من اللازم، والتسريع في سن قوانين جديدة لتحفيز الإقتصاد الوطني، الذي هو نفسه كان قد عجز عن تحفيزه وتطويره، عندما كان متربعا على سدة الحكم طوال فترة امتدت أربع سنوات كاملة من الزمن.

حلم استعادة المجد المفقود:

لقد ظهر رئيس الحكومة الدنماركية السابق، لارس لوك راسموسن، بحسب، العديد من المحللين السياسيين، على سطح الأحداث، بصورة مفاجأة للجميع، كما لو انه ” ملاك منقد ” يريد أن ينهي كافة الأمور الصعبة والمعقدة في طرفة عين، ويبالغ في مواقفه الانقاذية المبهمة، وبرز في وقت بالغ الحساسية والذقة، وكأنه ” كاسح جليد إيديولوجي يميني ” وقد ظهر على ما يبدو لجمع الكتلة الزرقاء الخاسرة والمنقسمة على نفسها، من جديد.

ولذلك، أصبح اليوم مزاودا على آراء السياسيين الآخرين، وحتى على رئيس حزبه الجديد، الذي خلفه، في قيادة الحزب، جاكوب اليمان- جنسن، والذي يقود الآن المعسكر اليميني الأزرق المعارض في البرلمان، بحيث أن يجعله كزعيم ضعيف، وبعيد عن مشهد الصراع السياسي الراهن، في وقت شديد الحساسية، وتتصدره أحزاب الكتلة الحمراء الحاكمة في البلاد، و التي استطاعت بعد أزمة الكارثة الصحية الأخيرة، تحقيق تقدم واسع النطاق في استطلاعات الرأي، لم تحظى بمثيل له منذ أكثر من عشرين عاما من الزمن.

ووصف أحد المحللين، رئيس الحكومة الدنماركية السابق، لارس لوك راسموسن، بأنه يلعب أوراقه الأخيرة، ولكن هذه المرة بذكاء شديد داخل حزبه اليساري الليبرالي، في خضم أزمة وطنية وعالمية مشتركة، ولكن على الرغم من ذلك يظل ما يمارسة في هذا الوقت، هو ليس أكثر من مجرد أوهام، بعد ان فقد ثقله وتوازنه من على المسرح السياسي الدنماركي، وهو يتجه الآن، نحو إلحاق الضرر بالحزب وبزعيمه الجديد جاكوب اليمان- جنسن، في نفس الوقت، خاصة وان الأخير، قد أختار الطريق الصحيح، والإستراتيجية المستقبلية المنسقة، من أجل المشاركة مع الأحزاب الدنماركية الأخرى، في طرح المعالجات الواقعية والجوهرية، التي من شأنها منع أي تدهور في الحرب ضد تفشي فيروس كورونا الفتاك، في الدنمارك، إلى حد أن الرجل، قد قدم إقتراح مشابه لمقترح الحكومة الدنماركية، وأحزاب الدعم، خلال المفاوضات الأخيرة، وذلك بخصوص الحد من مدفوعات الأرباح للشركات، التي تتلقى حزمة المساعدات الحكومية لتغطية نفقاتها، التي تسببت بها الأزمة.

ويعتقد المحللون، بأن غياب القائد الحقيقي، لأحزاب الكتلة اليمينية الزرقاء، في هذا الوقت بالذات، قد دفع بزعيم الحزب ورئيس الحكومة الدنماركية السابق، لارس لوك راسموسن، باشهار نفسه، كرجل مرحلة، وزعيم روحي لهذا التكتل، المنقسم اليوم على نفسه بصورة فاقعة، وشديدة، ولكن حملته الدعائية الضعيفة، قد تضعه في موضع مسائلة، وقد تكون بمثابة نقطة ضعف رئيسية بالنسبة له في داخل الحزب.

هاني الريس
17 نيسان/ إبريل 2020

Loading