فجر جديد لمملكة الدنمارك بقيادة الملك الشاب فريدريك العاشر

وعلى حين غرة ظهرت ملكة الدنمارك مارجريت الثانية (83 عام) في خطابها للشعب الدنماركي لمناسبة حلول العام الميلادي الجديد 2024 لكي تفاجىء الجميع  بقرار تنازلها عن عرش المملكة الدنماركية العريقة، التي احتفظت به لاكثر من 52 عام من الوقت، لابنها ولي العهد الأمير فريدريك، في خطوة اعتبرها الخبراء والمراقبون ب “التقدمية والشجاعة” وفي حدث يعتبر تاريخي جرى في البلاد لاول مرة في أقدم مملكة دستورية في العالم .

وفي هذه المناسبة التاريخية، بارك الشعب الدنماركي برمته، هذه الخطوة الجريئة والشجاعة، التي أعلنت فيها الملكة مارجريت الثانية، التنازل عن عرشها لصالح ابنها ولي العهد الأمير فريدريك، والذي سوف يحمل لقب الملك فريدريك العاشر لحظة تسلمه مقاليد العرش، وعلى طول الطريق من البرلمان الدنماركي، التي جرت فيه مراسيم التتويج، إلى القصر الملكي، أصطف عشرات الآلاف من الدنماركيين ومن أبناء الجاليات الأخرى في الدنمارك، للترحيب بقدوم ملك البلاد الجديد فريدريك العاشر وزوجته الملكة ماري، في موكبهم الملكي المتواضع والتقليدي، رافعين الاعلام الدنماركية وباقات الورود والزهور الجميلة، واشارات الترحيب، فيما أرسل ملوك ورؤساء حكومات العالم برقيات التهنئة للملك الجديد والعائلة المالكة الدنماركية، مع تمنياتهم للجميع،  في التقدم والازدهار، وانبثاق فجر جديد للبلاد بقيادة العاهل الجديد فريدريك العاشر وعائلته .

وفي خطابة الاول للامة، بعد تسلمه مقاليد العرش قال الملك فريدريك العاشر:”لا استطيع بأي حال تقديم الكمال، لأن الكمال هو على أي حال، ولكن يمكنني القول، بأنني أعدكم بالعمل الجاد والمتفاني، وسأقدم لكم كل ما أملك، وأتعلم كل ما أستطيع، ونحن سنبقى جميعا متحدون، وملتزمون من أجل ازدهار وتقدم مملكة الدنمارك” .

وأضاف الملك:”انني أحتاج كل الدعم من لدنكم، وأحتاج الدعم الذي يمكنني الحصول عليه من زوجتي الحبيبة الملكة ماري، ومن جميع أفراد عائلتي، ومن الذي هو أعظم منا، أتصدى للمستقبل وأنا أعلم انني لست وحدي فقط” .

وهذه تعتبر هي المرة الثانية فقط في تاريخ المملكة الدنماركية الموغلة في القدم، التي يتنازل فيها عاهل دنماركي عن مقاليد عرشه، وكان آخرها هو الملك إيريك الثالث، قبل حوالي تسعة قرون مضت (1146)، والذي كان أيضا قد تنازل عن عرشه بكل واقعية وكرامة .

ومنذ وفاة ملكة بريطانيا العظمى، اليزابيث الثانية، أصبحت ملكة الدنمارك، مارجريت الثانية، هي أطول الملوك حكما في تاريخ القارة الاوروبية برمتها، وكذلك المرأة التي لم تحصل على لقبها الملكي من خلال الزواج .

وفي خطابها الأخير لتقديم التنازل عن العرش، قالت الملكة مارجريت الثانية:”أنها  استطاعت أن تحول كل أفكارها للمستقبل، وبدأت في ما هو أفضل شيء لعائلتها الملكية” وهو ما يعني بالضبط السمو الراقي والمستنير، والرغبة الشديدة في احداث التغيير والتجديد في البلاد، وعدم الرغبة الشديدة في احتكار السلطة السياسية والتمسك بتلابيب العرش .

ويالها من كلمات واقعية وشفافة تقدمية وعصرية، تحدثت بها الملكة مارجريت الثانية، و يجدر بآخرين، من أقرانها الملوك أو رؤساء الدول حول العالم، الذين يكابرون ويصرون على التمسك الشديد بعروشهم وكراسيهم، وحتى لو انها كانت من دون وجه حق، ومن دون رغبات شعوبهم، الاقتداء بها والاستفادة من دروسها الملهمة والواقية جدا .

وكانت اللحظات الأخيرة من حفل توديع الملكة مارجريت الثانية، وانتقال مقاليد العرش لابنها ولي العهد الأمير فريدريك، مؤثرة للغاية، وكادت دموعها أن تنهمر، عندما قالت كلمتها الأخيرة:”ليحفظ الله الملك” ابنها، الذي قد حل محلها في الخلافة .

وفي البرلمان الدنماركي، التي شهدت فيه فعاليات حفل الوداع ومن ثم التتويج، وشارك فيه كبار المسؤوليين الدنماركيين واعضاء البرلمان الدنماركي وجميع المدعويين من مختلف دول العالم، القت رئيسة الوزراء الدنماركية، ميتي فريدريكسن، كلمة مقتضبة قالت فيها:”ولي العهد الذي سيكون هو الآن ملكا علينا، هو ملك نحن نعرفه، ملكا نهتم به ونثق به” ونبارك له تسلمه مقاليد العرش في الدنمارك .

هاني الريس

16 يناير 2024

Loading