من دوار “الشهداء” اللؤلؤة إلى السجن المؤبد الانفرادي في المستشفى .. الاستاذ حسن مشيمع صوت الحق الذي لايموت

في وسط دوار الشهداء “اللؤلؤة في العاصمة البحرينية المنامة، الذي شهد أشد المعارك الدموية بين قوات النظام الخليفي وجماهير الشعب المطالبين بالتغيير الحقيقي و الجوهري في البلاد، و مواكبة عصر الثورات التي اسقطت عروش الطغاة في المحيط العربي و حول العالم .

في 14 شباط/ فبراير 2011 كان رجل الدين والسياسة الاستاذ حسن مشيمع، يعتلي منصة الثائرين في الدوار يخطب في الناس ويحثهم على الصمود في حراكهم الثوري المطالب بالحق والعدل الاجتماعي والكرامة الإنسانية والتغيير الحقيقي و الجوهري على جميع الانظمة الاستبدادية و الفاسدة المعمول بها في البحرين .

كان الاستاذ حسن مشيمع، الرجل (السبعيني) الذي ظل يجمع في فكره وايمانه وعقيدته مابين الدين والسياسة كمنهج و رؤبة و توجه وارشاد، يقاوم فيه الظلم و التعسف وسلب الحقوق والإرادة الوطنية، والدعوة للإصلاح والتجديد في دولة حرة و كريمة تحترم شعبها و توفر له جميع خدمات و شروط متطلبات الحياة الكريمة، و كان من اوائل النخب الثائرة التي كسرت حاجز الخوف والصمت، بعد حرب الخليج الثانية و بادرت بتحمل مسؤولية جمع تواقيع المواطنيين البحرينيين للمطالبة الأصلاح و التغيير الحقيقي والواقعي في البلاد، وعودة البرلمان المنتخب وجميع المواد الحيوية المعطلة من دستور البحرين الشرعي للعام 1973، وعضو لجنتي العريضتين الشعبية والنخبوية التي حاصرتهم السلطة ومنعتهم من الانتشار السريع بواسطة القوة والعنف، وكان عضو لجنة المبادرة الوطنية التي اعتصمت في منزل الشهيد السعيد سماحة الشيخ عبدالامير الجمري، الرمز الديني والسياسي الكبير الذي تصدر قادة الانتفاضة الدستورية في البحرين، في حقبة سنوات التسعينات من القرن الماضي، التي خدعتها وغدرت بها السلطة في طرفة عين، كان يقف في محراب الشهادة في الدوار، شامخا مرفوع الراس يخطب في الناس بصوت جهير ويحثهم ويرشدهم نحو التمسك بايمانهم وعقيدتهم ونضالهم في سبيل القضية الوطنية والشعب، الذي سلب الحكم القمعي و المستبد جميع حقوقه المدنية والدينية وصادر ارادته، وكانت كل كلماته في الخطاب أقوى من رصاص الجنود والضباط والبلطجية الذين حاصروا الدوار وامطروه بوابل الرصاص الحي والمطاطي وامعنوا في قتل الناس وملاحقة الآخرين في عقر دورهم بعد تشريدهم بالقوة، واشعلوا نيران الحقد والوحشية في الخيام التي أصبحت كمنابر حية للتوعية والإرشاد والتضحية في سبيل القضية الوطنية، كان يستمع لرسالته الثورية الملهمة الصغير والكبير بقلوب وعقول مفتوحة يتمايلون على اهازيج صوته وصرخاته المدوية التي ظلت تسمع اصدائها في رحاب الدوار والساحات المحيطة به، وبرددون معه الكلمات ويرفعون اياديهم بالدعاء إلى الله بأن يحميهم و يعينهم وينصرهم على القوم الظالمين ويحقق لهم مبتغاهم ويعزهم في دولة آمنة وحرة وكريمة .

كان الاستاذ حسن مشيمع، رمزا دينيا وسياسيا شامخا في الدوار، يرشد الناس ويحثهم على الصمود في وجه سياسات الطاغية المتجبر تارة، ويرفع اياديه بالدعاء إلى الله أن ينصر كل مظلوم ومعوز ويحقق له مبتغاه، وينصر الحراك الشعبي المطلبي ويذل الطغاة والمستكبرين، وهي الخطبة العرمرمية التي صنعته كرمز وكقائد سياسي محنك، وهي ذات الخطبة التي حفزت ضده شيطان البحرين حمد بن عيسى ال خليفة، أن يأمر باعتقاله وسجنه بحكم المؤبد.

هذه هي مواقف الرجل البطولية التي زلزلت سدة الحكم وفضحت جميع انتهاكاته و مشاريعه السياسية والامنية العقيمة و الفاسدة والمشبوهة في البحرين، وتوصيل صوته للعالم مدافعا عن الحق ومستقبل الوطن وشعب البحرين .

الاستاذ حسن مشيمع التي وجهت له السلطة البحرينية تهمة التحريض على تغيير النظام السياسي بالقوة، وإثارة النعرة الطائفية والمذهبية، وحكمت عليه محاكم السلطة الجائرة بالسجن المؤبذ، قضي منها حتى يومنا هذا قرابة 15 عام من الوقت، عانى خلالها انواع العذاب النفسي والصحي، والتهديدات الأمنية المتكررة لأفراد عائلته، ومصادرة مكتبته التي كانت تحتوي على جميع أوراقه وسجلاته و وثائقه وكتبه، ويمنع عنه الدواء والعلاج الصحيح من الأمراض المزمنة، اجبرته السلطة منذ اربع سنوات مضت وحتى اللحظة الراهنة على البقاء طريح الفراش في سجن انفرادي في مستشفى كانوا الصحي، بحجة العلاج اللازم والرعاية الصحية المطلوبة، وقد ظهرت له بعض الصور في وسائل التواصل الاجتماعي، من داخل المستشفى وهو في وضع صحي حرج وشديد الصعوبة، ويعاني من الإهمال الصحي وسوء التغذية الصحية، على عكس ما ظل يدعي به المسؤولين في وزارة الداخلية البحرينية بأن الرجل يحرس بايادي أمينة ورعاية صحية مستدامة، ويسمح لعائلته بالزيارة الدورية .

أن سوء المعاملة الصحية، الذي ظل يعاني منها الاستاذ حسن مشيمع لم تطله وحده فقط بل هي أيضا طالت اعداد من زملائه النشطاء السياسيين والحقوقيين في السجن، الذين هم أيضا ظلوا يعانون من أمراض مزمنه واعاقات جسدية أمثال الاستاذ عبدالوهاب حسين، والدكتور عبدالجليل السنكيس، المحتجز اليوم كرهينة في سجنه الانفرادي في المستشفى .

وهكذا يريد النظام الخليفي القمعي ان يدل قامات رفيعة من قامات الأمة، الأوفياء و المخلصين في النضال من اجل خدمة القضية الوطنية والشعب .

*الحق في الحرية هو حق أصيل لكل إنسان في الحياة بكرامة وتجنب الاستعباد والقيود التي تحد من قدرته وهو حق اساسي يضمن حرية الفكر والتعبير والعيش من دون اكراه (الإعلان العالمي لحقوق الإنسان)*

هاني الريس
لندن: 23 اب / اغسطس 2025

Loading